بورتريه

رفيق الحريري.. سياسي لبناني بدرجة زعيم شعبي

يعتبر رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري أحد أبرز القيادات اللبنانية في التاريخ المعاصر، والذي أثرت حادثة اغتياله بشكل كبير على الاستقرار في لبنان، وفي ذكرى ميلاده نستعرض أبرز محطات حياته.

نشأة رفيق الحريري

هو رفيق بهاء الدين الحريري، وُلد في مدينة صيدا جنوبي لبنان، في 1 نوفمبر 1944م، لأب يعمل في الزراعة، وأنهى تعليمه الثانوي في عام 1964م، ثم التحق بعد ذلك بجامعة بيروت العربية ليدرس علوم المحاسبة.

وكان الحريري في تلك الفترة عضوًا نشطًا في حركة القوميين العرب، والتي كانت تتصدرها حينها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وفي عام 1965م قرر الحريري وقف مشوار دراسته؛ بسبب ارتفاع النفقات المالية، مقررًا الهجرة إلى السعودية، حيث عمل مدرّسًا للرياضيات في مدرسة السعودية الابتدائية في مدينة جدة، بعد ذلك عمل محاسبًا في شركة هندسية.

وفي عام 1969م، انشأ الحريري شركته الخاصة في مجال المقاولات، والتي برز دورها كمشارك رئيسي في عمليات الإعمار المتسارعة التي كانت تشهدها المملكة في تلك الفترة، وحققت شركته نموًا سريعًا في سبعينيات القرن الماضي؛ حيث قامت بتنفيذ عدد من التعاقدات الحكومية لبناء المكاتب والمستشفيات والفنادق والقصور الملكية.

وفي أواخر سبعينيات القرن العشرين قام بشراء «شركة أوجيه» الفرنسية، وقرر دمجها في شركته ليصبح اسمها سعودي أوجيه، وأصبحت الشركة من أكبر شركات المقاولات في العالم العربي، واتسع نطاق أعماله ليشمل شبكة من البنوك والشركات في لبنان والسعودية، بالإضافة إلى شركات للتأمين والنشر والصناعات الخفيفة.

بعد ذلك، تم منح رفيق الحريري الجنسية السعودية في عام 1978م، وفي مطلع الثمانينيات أصبح واحدًا من بين أغنى 100 رجل في العالم، وعمل خلال الثمانينيات كمبعوث شخصي للملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز في لبنان، كما تمكن من لعب دور مميز في صياغة اتفاق الطائف.

اقرأ أيضًا: الانسانية تودع قائدها ..الشيخ صباح الأحمد.. 14 عامًا أميرًا للكويت

الحريري.. رجل السياسة

في عام 1989م لعب الحريري دورًا مهمًا في التوصل لاتفاق الطائف بين الفرقاء في لبنان، ثم عاد إلى بلاده مع نهاية الحرب الأهلية التي دامت 15 عامًا في الفترة بين 1975م وحتى 1990م.

تولى رفيق الحريري رئاسة الحكومة اللبنانية للمرة الأولى من 1992م وحتى 1998م، أما فترة توليه رئاسة الوزراء للمرة الثانية كانت من 2000م وحتى 2004م.

حيث أعاد الحريري لبنان إلى الخريطة المالية العالمية وحصل على قروض دولية لإعادة تأهيل المرافق والبنية التحتية، حيث تركزت خطته التي عرفت باسم «هورايزون 2000» على إعادة إعمار وسط بيروت، وقام بإحياء صناعة السياحة في البلاد.

غير أن سجله الاقتصادي أثار جدلاً داخل لبنان، فقد خلفت خطته لإعادة الإعمار ديونًا وعجزًا في الميزانية ما أدى إلى رفع معدلات الفائدة وإبطاء النمو الاقتصادي.

واتهم بتركيزه على وسط بيروت على حساب باقي مناطق لبنان وعدم الاهتمام بالفقراء رغم سجله الطويل في دعم القضايا الانسانية.

وخلال هذه الفترة أدى عمق المشكلات الاقتصادية إلى زيادة الضغوط على الحكومة من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وعليه تعهد بتخفيض البيروقراطية وخصخصة المؤسسات العامة التي لا تحقق ربحًا.

واستقال الحريري في أكتوبر 2004 بعد خلاف مع الرئيس اللبناني إميل لحود، واستفحل بعد تعديل الدستور لتمديد فترة رئاسة الرئيس إميل لحود لثلاث سنوات إضافية.

وكان الحريري مؤيدًا لدعوات سحب سوريا لقواتها التي كانت موجودة في لبنان منذ عام 1976م بعد اندلاع الحرب الأهلية في البلاد.

حادثة الاغتيال

اُغتيل رفيق الحريري في 14 فبراير 2005 عندما انفجر ما يعادل 1800 كجم من مادة TNT لحظة مرور موكبه بجانب فندق سانت جورج في العاصمة اللبنانية بيروت، بعد عودته من جلسة في البرلمان.

وفي عام 2007 أنشأت الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي بهولندا؛ للتحقيق في عملية اغتيال الحريري وحوادث قتل سياسية أخرى وقعت في الفترة التي تلتها، حيث وجهت المحكمة الدولية الاتهامات لأربعة أشخاص من أعضاء حزب الله، بتهم تضمّنت التآمر لارتكاب عمل “إرهابي”، ولم يُعرف مكان المتهمين.

ليبقى رفيق الحريري أحد أبرز الشخصيات السياسية اللبنانية في تاريخها المعاصر، والذي تعود ذكراه إلى العقول في كل مشكلة تتعرض لها دولة لبنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى