تحقيقات وتقارير

تقرير: الطيب والخشت.. شيخ الأزهر يرد بقوة على مهاجمة التراث الإسلامي

خاص ـ برواز

أثارت كلمات شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، على رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت، جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، نتج عنها أن احتل وسم #شيخ_الازهر قائمة الأوسع انتشارًا في مصر خلال الـ24 ساعة الأخيرة، حتى أنها جذبت الكثير من الساسة المصريين للتعليق على كلماته.

الخشت ينتقد التراث

البداية جاءت عندما أكد الخشت، خلال كلمته في مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي، على ضرورة تأسيس خطاب ديني جديد، موضحًا أن تجديد الخطاب الديني أشبه بترميم بناء قديم، وأن الأجدى هو إقامة بناء جديد بمفاهيم جديدة ولغة جديدة ومفردات جديدة “إذا أردنا أن نقرع أبواب عصر ديني جديد”.

وقال الخشت: “لا يمكن تكوين عقل ديني جديد دون تغيير طرق التفكير وتجديد علم أصول الدين، ومن أهم الشروط لتكوين عقل ديني جديد، إصلاح طريقة التفكير، وفتح العقول المغلقة وتغيير طريقة المتعصبين في التفكير، والعمل على تغيير رؤية العالم وتجديد فهم العقائد في الأديان ونقد العقائد الأشعرية والاعتزالية وغيرها من عقائد المذاهب القديمة”.

وشدد الخشت على أن أحد أهم أسباب التطرف والتشدد هو طريقة فهم اللغة عند التيار المتشدد، الذي يقف عند حدود الحرف وظاهر اللغة كما تشكلت قديمًا، وعدم الالتفات إلى السياق التاريخي والاجتماعي للغة، فضلًا عن عدم الالتفات إلى المقاصد، موجهًا أسهم الانتقاد إلى التراث الإسلامي.

الطيب ينتفض دفاعًا عن التراث

بعد ذلك طلب الشيخ الطيب الكلمة، حيث انتقد في رده عدم تجهيز الخشت لكلمة مكتوبة، منتقدًا ارتجاله لكلمته في مؤتمر عالمي يحضره العلماء من جميع أنحاء العالم، مشيرًا إلى أنّ الأشاعرة لا يقيمون منهجهم على أحاديث الأحاد، ويعتمدون على الأحاديث المتواترة.

وأكد الطيب على أنّ التراث حمله مجموعة من القبائل العربية القديمة الذين وضعوا أيديهم على مواطن القوة والتاريخ، وكانت أقدامهم في الأندلس والصين، مضيفًا أن توصيف التراث بأنّه يورث الضعف والتراجع، مزايدة على التراث، وأنّ مقولة التجديد مقولة تراثية وليست حداثية.

وأشار الطيب إلى أن الفتنة التي وقعت في عهد عثمان فتنة سياسية، وأن تلك التي نعيشها الآن هي فتنة سياسية وليست تراثية، مؤكدًا أنّ السياسة تخطف الدين اختطافًا حينما يريد أهلها أن يحققوا هدفًا مخالفًا للدين كما حدث في الحروب الصليبية وغيرها، قائلًا: “ما هي مبررات الكيان الصهيوني في أن يستعمروا دولًا غير تابعة لهم، إلا من خلال الاستناد إلى نصوص في التوراة لكي يحققوا أهدافًا تخالف تعاليم الدين”.

وقال الطيب: “أنا كنت في منتهى الخزي وانا أشاهد ترامب مع إسرائيل (نتنياهو) طبعًا هم الذين يخططون ويقولون ويتحكمون ويحلوا لنا المشاكل، لا يوجد أحد عربي ولا أحد مسلم، هذا هو المجال الذي يجب أن نحارب فيه، شخصيتنا كعرب انتهت”.

وأضاف الطيب: “الحرب الحقيقية أن جامعاتنا منذ أكثر من قرن من الزمان، فيها الهندسة والطب والزراعة والصيدلة والطيران وكليات العلوم ومراكز البحث العلمي، إحنا حتى الآن مش قادرين نصنع كاوتش سيارة، لا أحدثك عن السيارات، لا أحدثك عن الأسلحة التي تباع لنا، ليقتل بعضنا بعضًا”.

وتابع الطيب: “نحن نشتري الموت بفلوسنا هذا هو ما يمليه عليّ ضميري في هذه الجلسة حتى ألقى الله وأنا قدمت بعض الشيء، وأنا والله ما بيني وبينك أكبر بكثير جدًا مما ظننت أني أحاور، ولكن أرجوكم ابحثوا عن مشكلة غير التراث”.

مواقع التواصل تشتعل بالتصريحات

تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي كلمات شيخ الأزهر بشكل موسع، حيث رأى الكثيرون أنها جاءت معبرة عن الواقع الذي يتم فيه إرجاع كل القصور في مختلف مناحي الحياة إلى الدين والتراث الإسلامي، لم يقتصر الأمر عند عامة الشعب، لكنه انتقل أيضًا للسياسيين المصريين المعارضين، خاصة وأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان قد طالب كثيرًا بتجديد الخطاب الديني.

الدكتور عصام حجي، العالم المصري بوكالة ناسا الأمريكية الفضائية، نشر على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر تدوينة قال فيها: “الهجوم الإعلامي على شيخ الأزهر وهو يدافع عن المعرفة، تصعيد جديد للحرب على العلم بكل أشكاله. الأنظمة التي تشغل نفسها بنسج عبارات مجوفة تغازل آذان الغرب أكثر من إنشغالها بإصلاح شؤون رعيتها، لا تعي أن الإصلاح ليس بتجديد عشوائي للخطاب الديني بقدر ما هو بفهم متأني له في المقام الأول”.

وقال الدكتور محمد البرادعي، أحد أبرز السياسيين المصريين بعد ثورة 25 يناير: “عندما يقول شيخ الأزهر اليوم أن شخصيتنا انتهت كعرب ومسلمين وأننا أصبحنا لاشئ، وأنه يشعر بالخزي وهو يشاهد ترمب ونتنياهو يخططان لنا، اعتقد أنه يعبر بصدق عما يجيش في صدر كل عربي. آمل أن تكون “صفقة القرن” الصدمة التي نستعيد بها وعينا كعرب ونتوقف عن أن نكون أعداء أنفسنا”.

وأضاف السياسي المصري المعارض أيمن نور: “بوصفي ليبرالي يؤمن بمدرسة الأزهر الشريف ودورها في ترسيخ قواعد الوطنية المصرية، فأنا فخور بمواقف شيخ الأزهر #الطيب_النجار فعلًا هذا الرجل يحترم نفسه، وسيسجل له التاريخ أنه رجل في زمن عز فيه الرجال”.

يُذكر أن جامعة القاهرة مؤخرًا كانت قد أصدرت قرارًا بحظر ارتداء النقاب لأعضاء هيئة التدريس، ويظل الجامع الأزهر الشريف منبر للدفاع عن الإسلام مهما اختلفت أسماء الذين يجلسون على مقعد مشيخة الأزهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى