بورتريه

الشيخ محمد متولي الشعراوي: إمام الدعاة في القرن العشرين

يعتبر الشيخ محمد متولي الشعراوي أو كما يلقبه محبينه بـ«إمام الدعاة»، أحد أشهر رجال الدين الإسلامي في العصر الحديث، حيث اشتهر بتفسيره للقرآن الكريم بطريقة بسيطة وسهلة، جعلته قريبًا لقلوب الناس، وهنا نستعرض أبرز محطات حياة الشيخ الشعراوي.

وُلد محمد متولي الشعراوي في 16 أبريل عام 1911م، بقرية دقادوس في محافظة الدقهلية في دلتا مصر، وأتم حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، وكان الشعراوي يريد أن يبقى مع إخوته لزراعة الأرض، ولكن والده أصر على إلحاقه للدراسة بالأزهر الشريف في القاهرة.

وفي محاولاته لإثناء والده عن رغبته طلب منه أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية، لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب، وقال له: «أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم».

وفي النهاية، التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، حيث اندلعت حركة مقاومة المحتلين الإنجليز سنة 1919م من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين.

تزوج الشعراوي، وهو في الثانوية بناءً على رغبة والده الذي اختار له زوجته، ووافق الشيخ على اختياره، وانجب 3 أولاد وبنتين.

وتخرج الشعراوي من الجامعة في عام 1940م، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م، ثم عُين في المعهد الديني بطنطا، وانتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية، وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام 1950 ليعمل أستاذًا للشريعة في جامعة أم القرى.

وفي عام 1963م، حدث الخلاف بين الرئيس المصري جمال عبد الناصر وبين الملك سعود، وعلى أثر ذلك منع الرئيس جمال عبد الناصر الشيخ الشعراوي من العودة ثانية إلى السعودية، وتم تعيينه في القاهرة مديرًا لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون، بعد ذلك، سافر الشعراوي إلى الجزائر رئيسًا لبعثة الأزهر هناك، ومكث بالجزائر حوالي 7 سنوات قضاها في التدريس.

حادثة السجود عند نكسة يونيو

أثناء وجود الشعراوي في الجزائر حدثت نكسة يونيو 1967م، حينها سجد الشعراوى شكرًا لله، وبرر ذلك قائلًا: “إن مصر لم تنتصر وهي في أحضان الشيوعية، فلم يُفتن المصريون في دينهم”.

الشعراوي وزيرًا للأوقاف

في نوفمبر 1976م، اختار ممدوح سالم رئيس الوزراء المصري آنذاك أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشئون الأزهر، وظل الشعراوي في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978م.

وكان أول من أصدر قرار بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو بنك فيصل، حيث أن هذا من اختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية «الدكتور حامد السايح آنذاك»، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك.

ثم عرضت على الشيخ الشعراوي منصب مشيخة الأزهر وعدة مناصب أخرى في عدد من الدول الإسلامية، لكنه رفض وقرر التفرغ للدعوة الإسلامية.

جوائز الشعراوي

حصل الإمام الشعراوي على عدة جوائز تقديرية لمجهوداته، كان أبرزها أن حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى في مصر؛ بمناسبة بلوغه سن التقاعد في 15 أبريل 1976م، كما مُنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983م وعام 1988م.

كما حصل الشيخ الشعراوي على الدكتوراة الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية في مصر، واختارته جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم كشخصية العام الإسلامية في دورتها الأولى عام 1418هـ الموافق 1998م.

اقرأ أيضًا: مصطفى محمود: الرجل الذي عاش حياته بسلاح العلم والإيمان

الشعراوي وتفسير القرآن

قام الشيخ الشعراوي بتسجيل حلقات تلفزيونية يفسر فيها القرآن الكريم بشكل مبسط وسهل؛ مما أكسبه مكانة خاصة في قلوب الناس، وظل في تسجيل تلك الدروس حتى وفاته المنية في 17 يونيو 1998م، الموافق 22 من صفر 1419هـ، ليترك اسمًا محفورًا في قلوب المسلمين في مختلف أنحاء العالم، كواحد من الذين يرسلهم الله ليذكروا الناس بدينهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى