تحقيقات وتقاريرمجلس الأمة

مجلس الأمة الكويتى “برلمان للرجال فقط”

جاءت نتائج إنتخابات مجلس الأمة الكويتى 2020 والتى جرت يوم السبت الخامس من ديسمبر على الفصل التشريعى السادس عشر، والتى تمت وسط إجراءات تتوافق مع الأعراف والبروتوكولات الطبية مفاجآت كبيرة، إذ بلغت نسبة التغيير في تركيبة مجلس الأمة 62 بالمائة، حيث بلغ عدد المرشحين الفائزين عن الدوائر الخمس 50 نائبا.

هذا ولم ينجح سوى 19 نائبا فقط من الدورة البرلمانية السابقة، تصدرهم رئيس البرلمان السابق النائب مرزوق الغانم.

في حين لم تفلح النائبة المعروفة صفاء الهاشم في الحفاظ على مقعدها في المجلس الجديد، وبخسارة الهاشم، ستغيب الوجوه النسائية عن البرلمان لأول مرة منذ انتخابات عام 2009.

جاءت نتائج الانتخابات مخيبة لآمال بعض الناشطات الكويتيات وتطلعاتهن، إذ وصفن غياب المرأة عن المشهد البرلماني الجديد بالانتكاسة.

وأرجع معلقون كويتيون إخفاق المرأة في الحصول على مقعد برلماني إلى عدة أسباب، بأنه ثمة من ربطه بالفكر السائد في المجتمع الذي لا يزال يميل إلى تفضيل الرجل في العمل السياسي على المرأة.

في حين يعزو البعض تراجع حضور المرأة في البرلمان إلى “قيود نظام الصوت الواحد الذي يحد من اختيارات المواطنين، فيميلون بذلك للتصويت لابن العشيرة أو العائلة وفق تفسيرهم.

إلا أن معلقين آخرين يعتبرون أن مستقبل المشاركة السياسية والمجتمعية للمرأة متوقف على المرأة ذاتها، فى حين ترى ناشطات أن ضعف الأداء والحضور الباهت لبعض البرلمانيات السابقات وقربهن من توجهات الحكومة كانت أسبابا كافية لتراجع فرص تمثيل المرأة.

وتعلق إحداهن: “للأسف لم تثبت المرأة حضورها داخل مجلس الأمة، والاختيار الصحيح يجب أن يقوم على قدرة المرشح ومعرفته بهموم الناس وتاريخه في خدمة مجتمعه بعيدا عن الانتماءات العشائرية والجندرية”.

في حين كتبت مغردة أخرى:” مجلس نيابي بلا نساء مع نسبة تصويت نسائية أكبر من نسبة الرجال دليل على عدم قناعة المرأة بدور المرأة”.

أما المعلقة هيلان فرأت أن “الديمقراطية أفرزت واقعاً يجب احترامه” مضيفة أن “عدم نجاح أي امرأة لا يقدح في سلامة الديمقراطية ولا ينفي احترام الكويتيين للمرأة” .

ولم يقتصر الاهتمام بالنتائج على الكويتيين بل امتد ليشمل معلقين من دول عربية أخرى، خاصة مصر، فقد أفرد مغردون مصريون جزءا من تعليقاتهم للحديث عن خسارة صفاء الهاشم التي تصدر اسمها مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد.

وعرفت الهاشم، التى تنتمى إلى التيار الليبرالي بإنتقادها الحاد لسياسة بلادها تجاه الوافدين، وكثيرا ما طالبت بوقف استقدام المصريين لا سيما في مهن كالتدريس، بحجة أنهم يستفيدون من خيرات البلد أكثر من أهلها، وهذا ما قد يفسر اهتمام المصريين بخسارتها من عدمها.

وفي أول تعليق بعد خسارتها في الانتخابات، عبرت صفاء الهاشم عن فخرها بما قدمته خلال الفترة الماضية، حيث انتخبت الهاشم لأول مرة عام 2012، في دورة المجلس التي ألغيت بقرار من المحكمة الدستورية، لكن النائبة كررت المحاولة لتفوز بالمجلس في العام التالي، كما أعيد انتخابها عام 2016، لتكون المرأة الوحيدة بين الرجال في تلك الدورة.

وعبر منتقدو صفاء عن سعادتهم بهذه النتيجة واعتبروها دليلا على رفض الشعب الكويتي لشعارات الكراهية والتنمر التي كانت ترددها النائبة، وفق تعبيرهم.

أما مؤيدو صفاء الهاشم فيعدونها مثالا للمرأة العربية المحاربة الناجحة وصوتا نسائيا واجه المجتمع الذكوري، على حد وصفهم.

رغم تكثيف المجموعات النسوية من نشاطاتها، إلا أن تمثيل المرأة في مجلس الأمة شهد تراجعا في السنوات الأخيرة، فبعد وجود أربعة نساء في مجلس 2009، تقلص العدد إلى ثلاثة في 2012، ثم لنائبتين عام 2013، فنائبة واحدة في 2016، لتشهد الانتخابات الأخيرة سيطرة رجالية على المجلس.

أظهرت النتائج غياب أسماء معروفة استمرت في المجلس لعدة دورات متتالية، لكن اللافت في هذه الانتخابات هو صعود جيل جديد من الشباب.

ويرجح المحللون وجود هذا التغيير الكبير في تركيبة مجلس الأمة بأنه يعطي مؤشراً على غضب الناخبين على أداء ممثلي المجلس السابق، ورغبتهم في تغيير الأوضاع ومحاربة الفساد.

وفي هذا السياق علق جمال رجا العنزي:” رسالة الناخبين واضحة وجلية بالتغيير وعدم رضاهم عن السنوات العجاف في مجلس ٢٠١٦ وما قبله، فهل تقرأ الحكومة هذه الرسالة بتمعن؟”

وبحسب النتائج المعلنة، فقد تمكنت الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) وهى الذراع السياسي للإخوان المسلمين في الفوز بثلاث مقاعد برلمانية بينما أخفق التجمع الإسلامي السلفي للمرة الثانية على التوالي في التمثيل داخل مجلس الأمة، وبقي التمثيل الشيعي على حاله رغم تبدل الوجوه.

ويرى مراقبون أن النتائج الجديدة توحي بأن البرلمان القادم سيحمل معارضة قوية للحكومة، فقد عززت المعارضة الكويتية موقعها بفوز 24 نائبا محسوبا عليها.

تعد الكويت أول دولة خليجية عربية تتبنى نظاما برلمانيا في 1962، ومنحت المرأة حق التصويت والترشح للانتخابات في 2005.

تتمتع الكويت بحياة سياسية نشطة ويحظى برلمانها الذي ينتخب أعضاؤه لولاية مدتها أربع سنوات، بسلطات تشريعية واسعة، ويمكن لأي نائب استجواب رئيس الحكومة أو أي من الوزراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى