قضايا ومحاكممحليات

جرائم الشرف .. مقال لـ المحامية عذراء الرفاعي

جرائم الشرف

 

المحامية عذراء الرفاعي 

الأصل في الانسان البراءة ولا يعاقب الا في محاكمة قانونية عادلة تؤمن فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، فالمتهم برئ حتى تثبت ادانته، هذا ما جبلنا عليه في دستور الكويت، لذا أي انسان يرتكب فعل مجرم يعاقب عليه القانون يحاكم محاكمة عادلة الا جرائم قتل الذكر لإناث أسرته تعطيه حق ازهاق روحها لتخفف عقوبته من الإعدام الى السجن ثلاثة سنوات وبغرامة او احدى هاتين العقوبتين او اذا ارتأت المحكمة من اخلاقه او ماضيه او سنه او الظروف التي ارتكب فيها الجريمة او تفاهة الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود الى الاجرام ان تقرر الامتناع عن النطق بالعقاب.

 

جرائم نكراء نشهدها في مجتمعنا الكويتي ومبررها الوحيد انها جرائم شرف لا رادع لها كون القانون الجزائي قد جعل من أفعال الذكور مبرراً بداعي الشرف، لذا نجد المادة (153) من قانون الجزاء بين مؤيد لها ومعارض، فأنصار الرأي الأخير يجدون من الظلم ان تعاقب الاناث بقتلها دون محاكمة عادلة، واما أنصار الراي الأول يؤيدون قتلها تحت مسمى الحق له كون الذكر يفقد اعصابه ويكون في غضب شديد.

 

بين انصار الرأيين نجد رأي قد تم تداوله في الآونة الأخيرة ان نص المادة 153 له اصل شرعي عندما جرى وضعه حيث انه موجود في القانون المصري أيضا وليس موجود في القانون الفرنسي، ورداً على هذا الرأي ارجع للفقيه القانون الجنائي نجيب حسني في كتابه شرح قانون العقوبات في طبعته الثامنة أفاد ان قد سادت الشريعة الإسلامية في مصر خلال عهد طويل ابتدأ بالفتح الإسلامي
في القرن السابع عشر وامتد حتى الإصلاح القضائي في القرن التاسع عشر ولكن تطبيق الشريعة خلال شطر كبير من هذا العهد لم يكن دقيقا، فاستهدف العقاب غايات لا تلتئم مع المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الشريعة الإسلامية، والتشريع الجنائي الحالي في مصر يرجع أصوله التاريخية الى القانون الفرنسي.

 

وعند قراءة التاريخ الجنائي الفرنسي منذ القرن السادس عشر نجد ان الأزواج يتمتعون تقريباً بالحق في حياة او موت زوجاتهم ويحاصرونها تحت قتل الزنا بسبب سهولة الحصول على المغفرة من الرب، وقد ذكر الفقيه جان بون الذي كتب عام 1575 ان قتل الزوجة يعد جريمة صارخة وقتلها تحت اسم الزنا يعد من الدفاع الشرعي وعذر مخفف، فكان القتل الغير متعمد قد جعل تواطؤ الذكور وضباط الكنيسة الذي افاد المؤرخون بعدها ان اغلب الجرائم كانت متعمدة بالفعل ولم تكن بالفعل جريمة زنا، وبقراءة قانون العقوبات الفرنسي لعام 1810 نجد ان عقوبة قتل الزوج لزوجته الزانية عندما يفاجئها متلبسة تستبدل عقوبته بعقوبة مخففة، وامام المطالبات النسائية بإلغائها في عام 1994، وفي عام 2006 أصبحت الجريمة الزوجية اكثر تشددا وعقوبة ليصبح السجن مدى الحياة بدلا من 30 عام ليعزز منع وقمع العنف في الحياة الزوجية .

 

فجريمة قتل الانثى تحت مسمى من فاجأها تفتح باب الشيطان للذكور وضحيتها أنثى، وتفقهوا يا أهل الفقه بمراجع موثوقة قبل الحديث والعبث بأرواح الاناث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى