تحقيقات وتقاريرموضوع مميز

تحقيق: المياه الراكدة في مدينة صباح الأحمد.. مشكلات كارثية والأشغال والبيئة خارج نطاق الخدمة

تظل مشكلة المياه الراكدة في مدينة صباح الأحمد واحدة من أبرز المشكلات التي يعاني منها أهالي المدينة؛ لما تسببه من أضرار صحية للأهالي، حيث أنها تتسبب في انتشار الكثير من الحشرات، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل أصبحت مصدرًا لصيد الأسماك التي قد تتسبب في عواقب وخيمة للأهالي، كل هذه الأمور واجهته وزارة الأشغال العامة وهيئة البيئة بوعود متكررة لحل المشكلات لكن دون جدوى، ويبقى السؤال الأهم إلى متى ستظل معاناة أهالي مدينة صباح الأحمد؟ ولماذا تظل وزارة الأشغال وهيئة البيئة خارج نطاق الخدمة؟

أضرار مياه الصرف الصحي الراكدة لم تتوقف عند مجرد انتشار الحشرات، مؤخرًا انتشرت مقاطع فيديو لأسماك فاسدة تم صيدها من برك مياه الصرف الصحي الراكدة، والتي من الممكن أن يتم بيعها للمطاعم؛ مما قد يكون له عواقب وخيمة على صحة المواطنين والمقيمين، لكن في البداية سوف نعرض التسلسل الزمني لهذه المشكلة قبل الوصول إلى الوضع الحالي.

مشكلة قديمة ووعود متكررة

سبق وأن أعرب سكان مدينة صباح الأحمد عن استيائهم من تفاقم الأزمة واستمرارها دون وجود أي حلول على أرض الواقع سوى بعض الزيارات الميدانية للمسؤولين وتقديم وعود بإيجاد حلول، حتى أن بعض الأهالي كانوا قد هددوا في وقت سابق برفع دعاوى قضائية؛ بسبب استمرار الأزمة.

ففي مايو 2018، أكد بعض أهالي مدينة صباح الأحمد أن موضوع برك المياه الراكدة في المدينة بات «شائكًا ومتجاوزًا لجهود المسؤولين في الحكومة»، مطالبين الهيئة العامة للبيئة بضرورة تحويل الملف للنيابة العامة للتحقيق مع الجهات ذات العلاقة.

وأشار الأهالي آنذاك إلى أن خطوات المؤسسة العامة للرعاية السكنية ووزارة الأشغال بشأن هذه البرك ليست بالقدر الكافي، وذلك على رغم قيام الجهات الحكومية بردم جزء من تلك البرك، وبعد طلب الوزيرة آنذاك الدكتورة جنان بوشهري بأنها تحتاج إلى شهرين لحل الأزمة، تبدأ من مارس 2018، لكن المهلة المطلوبة انتهت دون حل فعلي، حيث ظلت البرك تتناسل شيئًا فشيء وأصبح يتعايش عليها الهاموش والناموس والحشرات، وفشلت وزارة الأشغال حينها في توفير مضخات لتعبئة المياه ونقلها لمكان آخر.

وقال بعض الأهالي إن بعض الحشرات تعدت حدود القطاع E القريب من برك مياه الصرف الصحي الراكدة، ووصل إلى القطاع D وهاجم البيوت، لكن حل وزارة الصحة حينها كان الرش بالطرق التقليدية التي لم تُجدِ.

ولفتت وزارة الصحة حينها إلى صعوبة السيطرة على الحشرات، والتي تتكاثر بشكل قوي بسبب تسرب مياه الصرف الصحي، واستمرار نمو أشجار طفيلية ونبات الهيش والتي تتغذى على المياه المتراكمة، مؤكدين أن الحل يكمن بشكل أساسي في ردم البحيرات بشكل كامل، وقطع النباتات والأشجار المحيطة بها، وإيقاف عملية تصريف المياه للمنطقة الراكدة.

وفي سبتمبر 2018، قال المدير العام للهيئة العامة للبيئة الكويتية آنذاك الشيخ عبدالله أحمد الحمود الصباح، إن الهيئة تبحث حلولًا لمواجهة تجمع المياه بمدينة صباح الأحمد السكنية، ومنها نقلها إلى صهاريج إلى مناطق أخرى للاستفادة منها في الزراعة.

لم تتوقف المطالبات بالحل، ففي أبريل 2019، نُشر تصريح للوكيلة المساعدة لشؤون الصحة العامة بوزارة الصحة آنذاك الدكتورة ماجدة القطان بخلو مدينة صباح الأحمد من الحشرات، أثار حينها استغراب الأهالي.

ووصف الأهالي هذا التصريح بأنه هروب من المسؤولية، مؤكدين أن آثار الحشرات على وجوههم، مشيرين إلى أن الأمر تخطى حد وجود حشرات ناقلة للأمراض إلى انتشار روائح كريهة أيضًا وزيادة منسوب المياه الراكدة في مدينة صباح الأحمد.

وأضاف الأهالي آنذاك أنه كلما تم إثارة الموضوع تقوم الجهات الوزارية المسؤولة بزيارة المدينة وتفقد أحوالها، واصفين ذلك بـ«شو إعلامي»، مؤكدين على أنه لا حل دون ردم البرك.

مطالب نيابية بحل مشكلة المياه الراكدة

وفي سبتمبر 2019، أكد النائب بمجلس الأمة الدكتور محمد الحويلة على أن معالجة مشكلة المياه الراكدة في مدينة صباح الأحمد، في أقرب وقت حتى يستطيع سكان المدينة ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، منوهًا إلى ضرورة حل تلك المشكلة بين الحين والآخر.

هل الحل يقترب؟

في أبريل الماضي، قالت وزيرة الأشغال العامة الدكتورة رنا الفارس إن الوزارة حصلت مؤخرًا من جهاز المناقصات العامة، على الموافقة على طرح أعمال تمديد مضخات وأنابيب نقل للمياه لحل المشكلة بممارسة عامة، وخاصة فيما بتعلق بحل مشكلة تجمع المياه الراكدة في مدينة صباح الأحمد السكنية.

وفي الشهر ذاته، أعادت وزارة الأشغال العامة طرح الممارسة رقم (هـ ط/287) لتوريد وتركيب وتشغيل مضخات وإنشاء أنابيب لنقل المياه إلى خزانات الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية؛ لحل مشكلة تجمع المياه الراكدة في مدينة صباح الأحمد السكنية.

اقرأ أيضًا: من جديد الأشغال تطرح ممارسة أنابيب نقل المياه الراكدة في صباح الأحمد

صيد الأسماك الفاسدة من المياه الراكدة

ليت المشكلات توقفت عند حد وجود حشرات في مدينة صباح الأحمد بسبب المياه الراكدة، الأمر وصل إلى تهديد صحة المواطنين والمقيمين في المدينة بشكل خطير وذلك بعد ظهور مقطعين فيديو يوضحان عملية نقل أسماك غير صالحة للاستهلاك تم صيدها من المياه الراكدة.

هذه الأسماك لم يتم التعرف على مصيرها، لكنها قد تشكل خطرًا كبيرًا إذا تم بيعها للمطاعم والأسواق وبيعها أو تقديمها للمواطنين، لكن في مقاطع الفيديو ظهر أمر أكثر خطورة، وهو أن السيارة التي تنقل تلك الأسماك الفاسدة تحمل شعار وزارة الصحة، فكيف حدث ذلك دون رقابة؟

وزارة الصحة توضح الحقيقة

قامت «برواز نيوز» بالتواصل مع وزارة الصحة لاستجلاء الحقيقة وراء استخدام تلك السيارات، فأوضحت الصحة أن الوزارة تقوم باستئجار السيارات مع سائق يوميًا لمدة 8 ساعات فيما عدا أيام العطلات الرسمية، وذلك بموجب عقد استئجار سيارات خدمات مبرم بين الوزارة وإحدى شركات السيارات.

وأكد وكيل وزارة الصحة للشؤون الهندسية والمشاريع م.ابراهيم النهام أنه بحسب العقد فإنه لا توجد أي علاقة للوزارة بهذه السيارات خارج ساعات العمل المتعاقد عليها، لكن الشركة مسؤولة قانونيًا عن سلوكيات السائق التابع لها على أساس مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه.

وأشار النهام إلى أن الصحة اتخذت الإجراءات اللازمة، وأحالت الموضوع للتحقيق، مؤكدًا أنه سيتم تطبيق الشروط الجزائية بالعقد، حيث أن الشركة كانت قد تعهدت بمتابعة سلوكيات سائقيها، وعدم استخدام السيارات المتعاقد عليها التي تحمل شعار الوزارة بعد انتهاء ساعات العمل الرسمي.

وزارة الأشغال وهيئة البيئة خارج نطاق الخدمة

لكن هنا يظهر أسئلة أكثر أهمية، كيف تم صيد الأسماك الفاسدة من البرك من الأساس؟ وإلى أي مدى تقوم وزارة الأشغال والهيئة العامة للبيئة بمتابعة هذه البرك والرقابة عليها؟ وما هي الإجراءات المتخذة للقضاء على تلك المخاطر؟

حاولنا توجيه تلك الأسئلة إلى مسؤلين من وزارة الأشغال العامة والهيئة العامة للبيئة لكن لم يتم الرد علينا من الهيئتين.

بين الحين والآخر تظهر كوارث جديدة ناتجة عن المياه الراكدة في مدينة صباح الأحمد أشد خطورة من سابقاتها، ويبقى رد الفعل مجموعة من التصريحات والزيارات الميدانية في حالة ازداد غضب الأهالي، لكن إذا لم يغضب الأهالي يكون تصرف بعض المسؤولين هو عدم الرد على الاستفسارات بشأن صحة المواطنين، لكن إلى متى ستبقى مدينة صباح الأحمد في هذا الوضع الكارثي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى