محلياتموضوع مميز

يوسف خالد المرزوق : والدي أًصر على اصدار صحيفة الأنباء لتكون صوت كل كويتي أُثناء الغزو

 حاورته: بدور المطيري *

في الثاني من اغسطس عام 1990 حين دخلت قوات الغزو الصدامي الكويت كانت اول دباباتها تتجه الى وزارة الاعلام والى شارع الصحافة لتخرس صوتها الكويتي.

الموقف كان صعبا للغاية، ولكن لم تستطع الصحافة الكويتية ان تصمت حتى لو تم احتلال مبانيها ومطابعها وهي التي اعتادت ان تكون صوتا صادحا بالحق، فأبت الا أن تأخذ دورا وطنيا في الدفاع عن الكويت وأن تكون أحد جنودها ،لتكون صوت كل كويتي داخل وخارج الكويت ومنبرا لصوت الكويت في جميع المحافل العالمية.

الصحافة الكويتية اثناء الغزو العراقي كان لها دورا مشرفا جدا يسطر بماء الذهب في القيام بدورها الصحافي الوطني الحقيقي، فرغم كافة الظروف الصعبة الا انها أبت الا تدور مطابعها دون توقف لتكون شاهدا ناطقا على جرائم الاحتلال لم يستطع اخراسه.

أربع صحف كويتية انطلقت اثناء الغزو العراقي ، هي الانباء ،السياسة ،صوت الكويت ، القبس الدولي، كانت الابرز بينهم هي صحيفة الانباء الكويتية والتي كانت الاولى في الانطلاق اذ صدرت بعد شهر فقط من الغزو وبمال خاص من مالكها السيد العم خالد يوسف المرزوق- رحمه الله ليسجل دورا وطنيا مميزا ، حيث تم اصدارها من القاهرة وفي مطابع جريدة الاهرام المصرية ، فيما لحقتها جريدة السياسة في مطابع السعودية و صحيفة صوت الكويت والقبس الدولي لفترة من لندن في بريطانيا.

الصحافة الكويتية مرت بأصعب الظروف التي يمكن ان تمر بها أي بلد وهو احتلال اراضيها كانت مثالا للصمود والوطنية، ارتقت فيها الصحافة من سلطة رابعة الى واحدة من أهم السلطات.

الأنباء

كان لابد من لقاء مع اول صحيفة كويتية تصدر في الغزو والتي ظلت تصدر يوميا حتى تم تحرير الكويت ، وهي صحيفة الأنباء لنعود الى ذكريات اصدارها من القاهرة ، وكان اللقاء مع يوسف خالد المرزوق رئيس تحرير الأنباء وهو ابن العم خالد المرزوق- رحمه الله حيث تحدث عن هذه الحقبة و الظروف التي صاحبت اصدار الصحيفة ليقول:

ذكريات 

اتذكر أول ايام الغزو العراقي الغاشم حين قام والدي بإرسالنا الى القاهرة، والتحق هو الى الحكومة الكويتية المؤقتة في الطائف وأصر على ملازمة الشيخ جابر الاحمد والشيخ سعد العبدالله رحمهما الله في شيراتون الطائف مقر الحكومة الكويتية المؤقتة آنذاك، وكان والدي خالد المرزوق هو العضو المدني الوحيد مع افراد الحكومة المؤقتة، اذ شعر حينها أنه يجب ان يساهم في ايصال صوت الكويت للعالم أجمعه وبأن يكون للكويت نبض صادق لينقل للعالم ماذا يحصل فيها لذا قام بإعطاء اوامر و تعليمات لاخي وليد -رحمه الله -كونه رئيس التحرير و اختي بيبي نائب رئيس التحرير بإصدار صحيفة الانباء من القاهرة وتوزيعها مجانا على كل تجمعات الكويتيين في العالم على نفقته الخاصه ، فكان لنا قسم في مبنى جريدة الاهرام المصرية مخصص للانباء وكان وقتها الرئيس حسني مبارك قد اصدر تعليماته بان يتم اصدار الانباء من مطابع الاهرام ولم تكن الطباعه مجانيه ،بل بمقابل لتتم الطباعه والاصدار بشكل يومي.

البدايات الصعبة

وحول آلية التوزيع ذكر المرزوق: (كان توزيعها مجانا يتم في القاهرة بشكل كبير وبالطائرات يوميا الى السعودية والبحرين والامارات ولندن وسويسرا وفرنسا حيث تتوزع على جميع التجمعات الكويتية وحكومات وسفارات الدول وكان لها جزء من التاثير على القرارات الدولية لتحرير الكويت من الغزو الصدامي الغاشم واتذكرها كوني طالبا في ذلك الوقت مما عزز من مكانه الانباء في قلوب الكويتيين حيث كنا نستقبل الاتصالات يوميا لشكرنا و دعمنا للاستمرار في هذا الاصدار ، ونحن كعائلة المرزوق نفتخر في هذه الخطوة، والكل يعلم منذ بداية الغزو العراقي حتى يوم التحرير كان هناك شح في المال حيث ان دول العالم أوقفت التداول بالعملة الكويتية مما جعل جعل صعوبة في السيولة).

هل كانت هناك عواقب للأنباء في اصدار صحيفتها بشكل يومي ومستمر ونقل للأحداث ؟

نعم حين عدنا في تحرير الكويت وجدنا مبنى الانباء مدمر بالكامل ومطابعنا مسروقة ومحروقة ودمار شامل وعدنا رممنا فقد كانت المبنى الاكثر تدميرا في شارع الصحافة حيث ان باقي مباني الصحف لم تتعرض لاضرار جسيمة كما حدث مع الأنباء.

وما السبب في هذا التدمير الشامل للأنباء بالذات ؟

والدي خالد المرزوق كان على علاقة طيبه جدا مع العراق قبل الغزو و حين تم الغزو عرضوا عليه التعاون في الكويت ولكنه رفض هذا العرض رفضا قاطعا، ومن بعدها اصبح مطلوبا حيا أم ميتا وعلى قائمة المطلوبين للنظام الصدامي وتم وضع صورته على جميع نقاط التفتيش العراقية في الكويت، وتدمير جميع الممتلكات والمباني التي يمتلكها.

هل اثرت الأنباء على القرارات الدولية ؟

نعم فقد كانت الدفاع المستميت لقضية الكويت ،فالصحافة مؤثرة جدا في ذلك الوقت، و كان هناك تحرك شعبي كامل وتعاطف من الدول الاخرى التي صوتت مع تحرير الكويت من الاخبار التي كنا ننشرها ، حيث أن جزء من نسخنا كان يتم توزيعها على سفارات وحكومات الدول التي يتواجد بها الكويتييين .
وكانت الحكومة الكويتية في الطائف ممتنة لهذه الخطوة فالأنباء كانت سلاح اعلامي صادق محسوب على مصلحة الكويت فقط.

ما هي مصادر الاخبار للصحيفة في ذلك الوقت ؟

متعددة ، ولكن اهل الكويت في الداخل هم المصدر الأول ،ويتم الاتصال بيننا عبر هواتف الستلايت حيث كنا نستقبل اتصال يومي بالتقرير الكامل عن الاسرى و عن التدمير والانتهاكات وما يحدث بالداخل من قبل الغزاة و كنا تنشر هذه التفاصيل بشكل يومي.

لماذا قام خالد المرزوق بهذه الخطوة المكلفة ماديا ، أي شعور كان ينتابه وقتها؟

كان مؤمن ايمانا تاما وعلى يقين ان الكويت ستعود ،وكان لديه حس وطني عالي بأنه يجب ان يكون للكويت صوت في جميع العالم ، ومن جانب آخر كان أحد الاسباب في اصدارها أن يريح قلوب الكويتيين في الخارج فالكثير منهم يريد ان يعرف مصير أهله الذين في الداخل وماذا حصل معهم .

أيام التجارة قبل الصحافة

كان هناك مشروع عقاري ضخم يسعى والدي رحمه الله الى تأسيسه في الكويت و حين حدث الغزو ، تواصل معه الشيخ زايد ال نهيان والملك فهد بن عبدالعزيز –رحمهما الله ولكنه رفض قائلا ” لو وافقت على عمله في الامارات او السعودية فهذا يعني بأن بلدي الكويت لن تعود ، وأنا مؤمن انها ستعود قريبا لنا “

العرض الامريكي

اثناء تواجده في الطائف ،عرضت أحد شركات حقول النفط الامريكية الكبرى على والدي ان يكون وكيلها في الكويت ، فرح جدا بهذا العرض وابلغ به الشيخ جابر الاحمد وقال له  (الكويت ستعود قريبا ،وحين سأله كيف عرفت ؟ أجابه بأن الشركة الامريكية الكبرى لم تقدم هذا العرض الا اذا كان لديها معلومات بأن الكويت ستكون قريبا محررة)

 

بدور المطيري هي رئيس تحرير صحيفة “برواز” الالكترونية (الكويت). تنشر هذه المقابلة بالتزامن مع صحيفة الأنباء الكويتية و جريدة برواز الالكترونية .

 

الدمار الذي حل في مبنى الأنباء في الكويت الاضرار التي احدثها الاحتلال في مبنى صحيفة الأنباء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى