العرب والعالممقالات

محمد الصياد يكتب.. ما وراء “صحوة” الأوروبيين: تبييض الوجه دون معاقبة إسرائيل

«هكذا يبدو مشهد التداعي المهول للمجزرة في غزة. أخيراً، الجرذان تتخلى عن السفينة الصهيونية الغارقة. هل فات الأوان؟ ربما، فبعد عامين بدأ قادة أوروبا العائدون للنازية بالحديث القشيب والمعلب عن الإبادة الجماعية في غزة. لقد أدركوا أنهم، هم واليهود الصهاينة في فلسطين المحتلة وفي الشتات، قد أهالوا التراب على أسطورة إسرائيل التي لن تتعافى أبدًا من جنونها».

محمد الصياد*

يوم الخميس 24 يوليو/تموز 2024، كتب الناشط السياسي اليساري الإسرائيلي ألون مزراحي على حسابه في منصة “X” (تويتر سابقاً)، بأن “رئيس الأركان الإسرائيلي السابق ووزير الدفاع يدعو الجنود والضباط الإسرائيليين إلى عصيان الحكومة الإسرائيلية ورفض اتباع أوامرها غير القانونية”.

هل يقصد مزراحي، موشيه يعالون؟ هو لم يذكر الاسم؛ كما إنني تحريت عن مدى صحة ومصدر الخبر، فلم أجد له أثراً. على أية حال، نحن لا نشكك في مصداقية ألون مزراحي، ولا في صدق مشاعره تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ولا في نضاله اليومي الرائع ضد الطغمة الفاشية بقيادة بنامين نتنياهو والأحزاب اليمينية وعصابات المستوطنين، والذي قد يعرض حياته في أية لحظة للخطر على أيدي هذه العصابة الحاكمة في تل أبيب، كما يردد هو دائما. لذلك تعاطفت كثيراً معه من قسوة الردود التي توالت عليه من أصحاب حسابات على “X” ينتمون الى طيف واسع من أحرار العالم كافة، والتي ذهبت جميعها بأن هذا الموقف المتأخر من جانب رئيس أركان ووزير دفاع اسرائيلي سابق، لا قيمة ولا وزن له. فالجثث والدماء التي تخضب الأرض الفلسطينية المحتلة وأشلاء الأطفال المتطايرة والمتناثرة وصور الجوعى الأطفال، هي التي انتصرت على السيف الصهيوني وحركت بعض الأصوات الصهيونية للتعبير عن القلق ليس فقط على إسرائيل وإنما على مصير اليهود حول العالم بعد أن بانت فضيحة القرن للقاصي والداني.

نحن على ثقة تامة بأن هذه المعلومة التي أراد من خلالها مزراحي التأكيد على ما يردده دائما في اطلالاته الاعلامية، بأن شهوة الموت وسفك الدماء التي تسكن اليوم الحكومة والمجتمع الاسرائيليين، ناتجين عن الضياع والخوف من اليوم التالي بعد أن كسرت هذه الطغمة كل الحواجز النفسية وكسرت كل الخطوط الحمر، واستفزت الانسانية جمعاء لحدود لم يعد باستطاعتها الرجوع عنها.

ما الذي أيقظ الأوروبيين؟

في السياق نفسه، وقبل ذلك بأربعة أيام، وتحديداً يوم الإثنين 21 يوليو/تموز 2025، أصدر وزراء خارجية 25 دولة هي أستراليا، النمسا، بلجيكا، كندا، الدنمارك، إستونيا، فنلندا، فرنسا، آيسلندا، إيرلندا، إيطاليا، اليابان، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبورغ، هولندا، نيوزيلندا، النرويج، بولندا، البرتغال، سلوفينيا، إسبانيا، السويد، سويسرا والمملكة المتحدة، بياناً طالبوا فيه الحكومة الإسرائيلية “برفع جميع القيود المفروضة على وصول المساعدات إلى قطاع غزة فوراً، وإن نموذج الحكومة الإسرائيلية في إيصال المساعدات خطير، ويغذي عدم الاستقرار ويحرم سكان غزة من الكرامة الإنسانية”. وأدان وزراء هذه الدول ما أسموه “التغذية بالتنقيط من المساعدات والقتل اللا إنساني للمدنيين، بمن فيهم الأطفال، الذين يسعون إلى تلبية احتياجاتهم الأساسية من الماء والغذاء”.

هذا البيان هو الآخر لذر الرماد في العيون. هو ضرب من ضروب الخداع والتضليل. لقد استغرق من حكومات هذه الدول الأوروبية (اليابات الدولة اليتيمة غير الأوروبية الموقعة على البيان) الضالعة مباشرة في جرائم الإبادة الجماعية الصهيونية، الوالغة في دماء أشرف الناس وأعظم الناس، قرابة السنتين، ظلت خلالها تقدم كافة أنواع الدعم العسكري والمالي والاستخباراتي والإعلامي الدعائي لآلة القتل الإسرائيلية. وكانت منابرها السياسية والدبلوماسية والإعلامية توفر السردية والمسوغ اللازمين لتسويق وتبرير هذه الجرائم، أشهرها على الاطلاق “أن إسرائيل تملك الحق في الدفاع عن نفسها”.

الآن حين وجدت الطغم النازية الحاكمة في أوروبا[1] نفسها مجبرة على محاولة تفادي إنتقال هذه الاحتجاجات الشعبية العارمة المعترضة على مجازر الصهاينة في غزة، الى طور مآلاته غير معلومة، في الوقت الذي بدأت تظهر فيه علامات الاستنزاف المحبطة على مجرمي آلة الحرب الصهيونية في غزة، وعدم قدرة مجرم الحرب نتنياهو وعصابته الحاكمة، على تحقيق النصر العسكري الذي وعد به؛ كان لا بد لحكام أوروبا المشاركين في جريمة الإبادة، أن يغيّروا تكتيكهم، وينحنوا قليلاً للعاصفة ريثما تمر، وتعود الأمور إلى سابق عهدها.

هذا هو ما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمسارعة للإمساك بلجام الحصان الشعبي الفرنسي المنتفض ضد مشاركة بلاده في جريمة الإبادة، والإعلان عن نية فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول المقبل. وحقيقة الأمر، أن ماكرون عندما يقول إن فرنسا ستعترف بفلسطين، فهو يُقرّب فرنسا من موقف الأمم المتحدة لا أكثر ولا أقل. وإلا لماذا انتظر كل هذه الفترة التي كان فيها الصهاينة في غزة يمارسون أبشع الجرائم في التاريخ وفي وضح النهار، مطمئنين الى الدعم اللا محدود الذي يحظون به من حكام أوروبا النازيين. ولو كان الرئيس الفرنسي صادقاً وليس مخادعاً في موقفه المستجد، لكان سارع لقطع العلاقات مع إسرائيل، والتوقف عن دعم الإبادة الجماعية.

ينطبق هذا بنفس القدر على بعض مشاهير السينما الأمريكية الذين بدأوا مؤخراً بتغيير جلودهم، بالتحول من دعم إسرائيل إلى دعم فلسطين.

لقد أدرك جميع هؤلاء، باستثناء أركان المؤسسة الأمريكية الحاكمة، أن إسرائيل سائرة إلى فشل بعد أن حول الجيش الصهيوني دمار غزة إلى تضاريس مثالية لحرب عصابات طويلة الأمد، صالحة لكمائن اصطياد جنوده، قتلاً وقنصاً، وبعد أن تحولت الاحتجاجات العالمية العارمة ضد جرائم ساسة إسرائيل وجيشها النازي إلى حالة عداء يومي سافر ومتداعي لقادة النظم الحاكمة في أوروبا وأمريكا. ولم تعد المصدات الاحتيالية التي هندسوها، مثل “معاداة السامية”، و”حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”، صالحة لوقف هذا المد الشعبي العالمي الذي بدأ يقترب من كسر حواجز الخوف التي أنشأها طواغيت المال الصهاينة الغربيين في كل مكان عبر مؤسسات المال العالمية.

فالحقيقة أن الصهاينة قتلوا 377,000 فلسطينيٍ منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي ما يعادل 20% من سكان غزة؛ إنه التجلي الساطع للتعريف الحقيقي للإبادة الجماعية. هي حقيقة مرعبة لرعاة إسرائيل الغربيين بعد أن فشلوا في ابقائها طويلاً، بعيداً عن الأضواء، وبعد أن تحولت إلى صور وأفلام تطوف أنحاء الدنيا في ثوانٍ معدودات.

يهود أمريكا الصهاينة الذين يحكمون البيت الأبيض الآن، وحدهم لم يكلوا ولم يستكينوا بعد من مطاردة المحتجين حيثما حلوا بوسائل القمع التي فاقت تلك التي استخدمت أيام المكارثية في خمسينيات القرن الماضي. لكن المحتجين وصلوا إلى داخل قاعات البيت الأبيض وداخل قاعات الطعام التي يتناول فيها أعضاء الكونجرس الضالعين في جريمة الإبادة، طعامهم. مسؤولو لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) في الكونغرس، أطلقوا أحدث محاولاتهم لفرض رقابة على منتقدي الإبادة الجماعية من خلال حملة “أوقفوا الكراهية” المدعومة من رابطة مكافحة التشهير (Anti-Defamation League – ADL) المعروفة أيضا باسم “بناي بريث”؛ يريدون فرض غرامات قدرها 5 ملايين دولار على المحتجين، وإجبار منصات التواصل الاجتماعي على الإبلاغ عن منتقدي إسرائيل للحكومة الأمريكية. بالطبع، تريد كل من AIPAC ورابطة مكافحة التشهير، إسكات الأصوات المعارضة، فهما مذنبتان. وستُقدمان إلى محكمة جرائم الحرب يوماً ما.

الجرذان تتخلى عن السفينة الصهيونية الغارقة

هكذا يبدو مشهد التداعي المهول للمجزرة في غزة. أخيراً، الجرذان تتخلى عن السفينة الصهيونية الغارقة. هل فات الأوان؟ ربما، فبعد عامين بدأ قادة أوروبا العائدون للنازية بالحديث القشيب والمعلب عن الإبادة الجماعية في غزة. لقد أدركوا أنهم، هم واليهود الصهاينة في فلسطين المحتلة وفي الشتات، قد أهالوا التراب على أسطورة إسرائيل التي لن تتعافى أبدًا من جنونها. “الفضل” في كل ذلك يعود لغرور وسادية نتنياهو ومجموعته الحاكمة من القتلة المحترفين مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، الذين اندفعوا كالثور الهائج لتطبيق سياساتهم الاجرامية، أولاً ” بروتوكول هانيبال” الذي طبقه جيش الاحتلال الإسرائيلي لقتل جنوده لمنع وقوعهم في الأسر؛ ثم اللجوء تالياً لخيار شمشون “Samson Option”، لا لاجتثاث ملايين الفلسطينيين من أرضهم بأساليب اجرامية حتى النازية الألمانية لم تتوصل إليها فحسب، وإنما لابتزاز العالم قاطبة وترهيب مجتمعاته في الغرب كما في الشرق، باستخدام كافة الوسائل القذرة التي يحتكم عليها أثرياء الصهاينة المنتشرين على امتداد رقعة عالمية واسعة من الاقتصادات الوطنية والعالمية، تمتد من القطاعات المصرفية والمالية (خاصة وحكومية)، إلى شركات عالمية أخطبوطية مثل “Black Rock”، و“Vanguard Group”، ومؤسسات دولية وأصول ومرافق محلية ودولية.

في التحليل الأخير، فإن الذي صار بادياً، وإن مواربةً، هو أن إسرائيل قد باشرت فعلاً بتفعيل بروتوكولاتها الابتدائية لخيار شمشون ضد كل من يتجرأ ويشير إليها بإصبع الاتهام بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وكل من يقرر من الدول الداعمة لها في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية (كندا)، استخدام ورقة الاعتراف بالدولة الفلسطينية كورقة ضغط على النازيين الصهاينة لوقف قتل سكان غزة بالرصاص والتجويع والتعطيش، لرفع الحرج عن قادة هذه الدول المتورطين حتى النخاع في هذه الجرائم.

حتى الآن يجري تفعيل خيار شمشون من دون التلويح أو حتى التلميح العلني (ربما حدث ذلك خلف الكواليس، لا نعلم) باستخدام السلاح النووي الإسرائيلي ضد بقية العالم، أي علي وعلى أعدائي. لكن إسرائيل اليوم، باعتبارها نقطة ارتكاز وانطلاق الوحش الكاسر الذي بنت وتبني عليه المافيات الصهيونية حول العالم، مشروع سيطرتها الكلية على العالم، لم تتردد عن تفعيل هذا الخيار جزئياً، بأشكال جرمية وارهابية مختلفة، ضد بلدان الغرب الذي تحولت مجتمعاته إلى موقع العداء السافر لإسرائيل ولكل ما هو إسرائيلي وصهيوني، وحكوماته التي أجبرها الحرج على اتخاذ مواقف لا تروق لدولة القتلة في تل أبيب.. وضد بلدان الشرق بطبيعة الحال.

فوضى ممتدة

الفوضى سيدة الموقف في العالم. ومنطقتنا العربية وجوارها (الشرق الأوسط بحسب السردية الاستشراقية)، هي الساحة الأكثر سخونة في معمعان هذه الفوضى الهجينة، من حرب العقوبات إلى حرب الرسوم الجمركية إلى حرب الاستحواذ على المرافىء والطرق البحرية التي تؤمها وتسلكها ناقلات وبواخر الشحن العالمية، فضلاً عن الحروب الساخنة المندلعة هنا وهناك: (في منطقتنا العربية: حرب الإبادة والتجويع الاسرائيلية في غزة، والحروب الأهلية المتنقلة في سوريا ما بعد رحيل بشار الأسد؛ وخارجها: الحرب الروسية الأطلسية على الأراضي الأوكرانية، والبؤر الواقعة على حافة الحرب: استعدادات الحرب واستنفارها من قبل أمريكا والصين لحسم مستقبل تايوان، وبؤرة الحرب التي لم تخمد تماماً بين تايلاند وكمبوديا، وقبلها بين الهند وباكستان).

لعل عنوان هذه الفوضى المتجذرة، يتمثل في أن الإبادة الجماعية أضحت قيمة “مناقبية” أمريكية جديدة يعاقب جميع من لا يدعمها في الداخل الأمريكي كما في الخارج. في الداخل بحرمانهم من أموال دافعي الضرائب المخصصة لمنكوبي الكوارث الطبيعية، والفصل من الجامعات والأعمال؛ وفي الخارج، بسيف العقوبات والحصار للأنظمة “المارقة”، توازياً مع العمل المعزز لتغييرها “Regime change”. ينهض بهذه المهام خمسمائة من البيروقراطيين العاملين من وراء مكاتبهم في واشنطن العاصمة نيابة عن أكثر من 300 مليون أمريكي لا حول ولا قوة لهم.

هنا،، يدور جدلٌ لا يكاد ينقطع بشأن العبارة التالية: “لكي تعرف من يحكمك، عليك فقط أن تعرف من لا يُسمح لك بانتقاده”. وقد كان من الممكن أن تمر هذه العبارة بصورة اعتيادية لولا أن بعض نشطاء منصات التواصل الاجتماعي، في أمريكا خصوصاً، يصرون على نسبتها إلى الكاتب التنويري الفرنسي فولتير. فنسبتها إلى فولتير يعطيها زخماً غير عادي في حجم التداول وكسب معركة الوعي. طغاة أمريكا وأوروبا الذين يحكمون اليوم قبضتهم الفولاذية على السلطة والثروة، استفزتهم هذه العبارة لكونها تغمز من قناة الحملة القمعية الشرسة التي تشنها السلطات الحاكمة الأمريكية ضد كل من يتجرأ على انتقاد إسرائيل وفضح جريمة إبادتها الجماعية في غزة.

ليس مهما معرفة قائلها، يكفي أن منطقها الداخلي يوصِّف بصورة دقيقة مهزلة الحكم في أمريكا. حيث لم يعد حكامها يخفون أو يخجلون من المشاركة العلنية والعملية في جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها حكومة القتلة في تل أبيب، بعد أن ظلت (واشنطن) لسبعة عقود تقدم نفسها للعالم كوسيط للسلام، أولاً بين العرب وإسرائيل، وتالياً بين إسرائيل والفلسطينيين ولس الشعب الفلسطيني (لهذا بعد أكبر مناورة سياسية في التاريخ، أعطوهم مقاطعة أسموها سلطة وما هي في الحقيقة سوى مخفر أمني).

اعتراف بدولة فلسطينية بدلاً من معاقبة إسرائيل 

في هذا الخضم المتلاطمة أمواجه، لا مجال “للانسحاب التكتيكي” من ميدان الرماية. فالسهام المتقاذفة بين أطراف الفوضى، سوف تصل إلى كل من هم ساهدون في ملكوتهم، وفي حسبانهم، إنهم إنما يتوارون عن الأنظار وعن شزر أعين المتربصين المتأبطين شراً بكل من تقع عليه أعينهم من دون تمييز. لما كان ذلك، نزعُم أن من يركن للدعة ومواصلة دورة حياته اليومية والعملية كالمعتاد (Business as usual)، وإنه بمنأى عن شرارات ونيران هذه الفوضى التي تدار من أعلى قمة هرم السلطة في النظام الأنجلوسكسوني الأحادي القطبية، فكأنما اختار بمحض إرادته تقرير مصيره المحتوم.. المجهول أيضاً، برسم وقائع وتداعيات هذه الفوضى.. قبل أن يعود نادماً ويردد المثل العربي القائل “أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض”.

أخيراً وليس آخراً، نوجه نصيحة خالصة لكل الذين ما زالوا يراهنون على الثور الإسرائيلي الأهوج، مفادها أنْ انسحبوا بسرعة واتركوا ساقية الثور تدور لوحدها وتتدحرج نحو حتفها النهائي، كما حلُم بكابوسه مجرم الحرب نتنياهو نفسه. فهي لن تنجو من حرب عصابات غزة، ولن تستطيع أن تنقذه إسعافات رعاته وحماته الأمريكيين والأوروبيين. وما تقافز تنتنياهو من حرب إلى حرب داخل الحرب نفسها في غزة، سوى إفلاس قريحته في ابتداع أفكار شمشونية جديدة.

لا تصدقوهم، حتى لو شاهدتم بأم أعينكم دموعهم تنسكب أنهاراً أنهاراً، فخبث الثعالب ومكرها بين وحوش الغابة، لا حدود له. كيف لكم أن تصدقوا استفاقتهم المفاجئة بعد 80 سنة بأن هناك شعب اسمه الشعب الفلسطيني، وإن له الحق في إقامة دولته المستقلة.

هنا، سوف أكتفي فقط بما قاله بهذا الصدد الكاتب الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي، في مقال نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية يوم الأحد 3 أغسطس/آب 2025: “إن الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين، هو بديل خاطئ للإجراءات العقابية التي يجب اتخاذها ضد إسرائيل لإرتكابها جريمة إبادة جماعية”. وتابع ليفي: “الاعتراف حالياً بدولة فلسطين يعتبر خدمة جوفاء بالكلام، تستخدمها الحكومات الأوروبية المترددة والضعيفة كي تبيّض وجهها أمام شعوبها الغاضبة على التزامها الصمت حيال جرائم الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة”.

——————————————-

[1] لاحظ أنها جميعاً تنتمي إلى أوروبا، باستثناء اليابان، التي تشهد أشكالاً متنوعة من التمرد والانتفاض الشعبي المتواصل ضد حكوماتها المشاركة مباشرة في جرائم الإبادة الصهيونية في غزة.

*الدكتور محمد الصياد خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية. صدر له ترجمة لكتاب الاقتصادي الأمريكي جوزيف ئي ستيغليتز المعنون «السقوط المدوي – الأسواق الحرة وغرق الاقتصاد العالمي».

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى