العرب والعالمتحقيقات وتقارير

تقرير برواز: #السوريين_منورين_مصر.. كيف قابل المصريون دعوات حصر أموال السوريين بالبلاد

خاص ـ برواز

على مر الزمان تميزت العلاقة بين دولتي مصر وسوريا بالتقارب الشديد، حتى أنهما أصبحا دولة واحدة في الفترة بين 1958 وحتى 1961 تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة، كذلك كانت الجبهة السورية هي إحدى جبهتين تشاركان في حرب 6 أكتوبر 1973 ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ولعل من أشهر المواقف التي تؤكد على هذه العلاقة القوية بين البلدين، هو الموقف الشهير للإعلامي السوري الهادي البكار، الذي كان يعمل في إذاعة دمشق، حينما قال مقولته الشهيرة أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، فقال: «من دمشق.. هنا القاهرة»، وذلك في رد سريع وغير متوقع على قطع الإرسال عن الإذاعة المصرية بعد قيام العدوان الثلاثي بتدمير هوائيات الإرسال الرئيسية للإذاعة المصرية في منطقة صحراء أبي زعبل شمال القاهرة.

مصر.. أرض السوريين بعد الثورة

بعد إندلاع الثورة السورية عام 2011م ودخول الثورة إلى حيز الحرب العسكرية بين قوات النظام والثوار، اضطُر السوريون إلى مغادرة بلدانهم باحثين عن بلدان أكثر أمنًا، وعلى الرغم من أن مصر كانت ما تزال في سنوات ثورتها الأولى، لكنها كانت من أكثر البلدان التي استضافت السوريين، لكن الأمر في مصر كان مختلفًا، لم تخصص الحكومة المصرية مخيمات لاجئين على الحدود كما فعلت بعض الدول، بل تركت لهم الحرية الكاملة للعيش في البلاد والتمتع بالعديد من المميزات التي يتمتع بها المواطنون المصريون.

ومع الوقت حقق السوريون بالمحافظات المصرية، وخاصة بالعاصمة القاهرة وثاني أكبر مدينة بالبلاد الإسكندرية، نجاحًا باهرًا في مختلف المجالات التي عملوا بها، كان أشهرها على الإطلاق مطاعم الأكل السوري التي حصدت على قلوب المصريين بشكل سريع، واستمرت المعاملة الطيبة المتبادلة بين المصريين والسوريين حتى خروج دعوى قضائية تطالب بحصر أملاك السوريين بالجمهورية المصرية.

المطالبة بحصر أموال السوريين بمصر

مؤخرًا تقدم أحد أشهر المحاميين المصريين وهو سمير صبري، بدعوى قضائية طالب فيها القضاء بحصر أموال السوريين بالبلاد، واصفًا السوريين بأنهم قاموا بـ«غزو» المناطق التجارية بالقاهرة والإسكندرية، وأنهم اشتروا وأجروا المحلات التجارية بأسعار باهظة وفي مواقع مميزة، واشتروا كذلك الشقق والفيلات، وأصبحت بعض المدن المصرية كمدينة السادس من أكتوبر والرحاب وكأنهم مدن سورية على الأراضي المصرية.

وأوضح صبري في مذكرته القضائية أن هناك إحصاءات قدرت حجم استثمارات رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال السوريين والذين انتقل معظمهم للإقامة في مصر بعد بدء الأزمة قدرت بـ23 مليار دولار، مُستثمَر معظمها في عقارات وأراض ومصانع ومطاعم ومحلات تجارية وغيرها، وبات السوريون يملكون أهم مصانع الألبسة والنسيج كما سيطر بعضهم على مناطق تطوير عقاري في أهم وأرقى المناطق المصرية.

وتساءل صبري: هل تخضع كل هذه الأنشطة والأموال والمشروعات والمحلات والمقاهي والمصانع والمطاعم والعقارات للرقابة المالية والسؤال عن مصدرها وكيفية دخولها الأراضي المصرية وكيفية إعادة الأرباح وتصديرها مرة أخرى؟ وهل تخضع هذه الأموال لقوانين الضرائب في مصر ويعامل المستثمر السوري أيا كان نشاطه وأيا كانت استثماراته معاملة المصري أمام الجهات الرقابية المالية؟ مشككًا في مصادر هذه الأموال وأنها قد تهدد البلاد.

المصريون يتفاعلون مع السوريين على «تويتر»

لم يتأخر المصريون كثيرًا بعد انتشار أخبار الدعوى القضائية، على الفور انتشر هاشتاج #السوريين_منورين_مصر على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، والذي أظهر فيه المصريون مشاعر الحب والترحاب بالسوريين، واصفين إياهم بأنهم في بلدهم الثاني، وليسوا ضيوفًا.

فقالت إحدى المواطنات المصريات: أولًا قبل كل شيء السوريين قاعدين في مصر بفلوسهم بدون شفقة من حد، وحتي المحلات بيشتغلوا فيها بمجهودهم لا بيشحتوا ولا بياخدوا حق حد، ثانيًا حتي لو مش بيشتغلوا أو معهم أموالهم حقهم علينا أن نشيلهم فوق راسنا قال رسولنا: “المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا”.

وعلّق الصحفي المصري جمال سلطان، رئيس تحرير جريدة المصريون، فقال: لم يكن السوري في مصر سابقًا ولا الآن ولا مستقبلًا ضيفًا ولا مهاجرًا ولا لاجئًا، هو صاحب مكان ومكانة بين أشقائه، وشريك في نهضة مصر الثقافية والعلمية والدينية والفنية والأدبية والاقتصادية، وأصوات «العار» التي تطالب بإبعادهم لا تستحق شرف أن تكون مصرية.

أما الكوميديان المصري محمد هنيدي، فلم يفوّت الفرصة دون أن يظهر حبه السورييين فغرد قائلًا: كنا دولة واحدة من قبل ومهما حصل هنفضل بردة دولة واحدة.

الفنانة السورية عبرت عن فرحتها العارمة بحفاوة المصريين وتأكيدهم على حب أشقائهم فقالت: السوريين منورين مصر هاشتاج جميل وكله محبة، لقيته متصدر التريند في مصر فرحت جدًا الصراحة هل في سبب أم مجرد موجة حب جماعية عفوية؟.. وأنا مني المصريين منورين الدنيا.

 

كانت هذه مجرد نماذج من التغريدات التي تم نشرها على موقع «تويتر»، والذي أحتل الصدارة في قائمة الأكثر تداولًا في مصر لساعات طويلة، لتستمر العلاقة بين الشعبين؛ المصري والسوري عميقة على مر الزمان، مهما اختلفت الأحوال ومهما تعاقبت الأجيال، وتبدلت الأنظمة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى