الرياضي

محطات مثيرة في بطولة أمم أفريقيا

بضعة ايام وتتجه أنظار الملايين من عشاق الساحرة المستديرة من كل أنحاء العالم صوب القارة الأفريقية لمتابعة فعاليات واحدة من أهم بطولات كرة القدم وأكثرها جذباً للأنظار، إذ تستضيف مصر النسخة الثانية والثلاثين من بطولة كأس الأمم الأفريقية، خلال الفترة من 21 يونيو (حزيران) الحالي إلى 19 يوليو (تموز) المقبل.
وعلى مدار أكثر من ستة عقود منذ انطلاق البطولة الأولى في السودان عام 1957، شهدت البطولة العديد من التغيرات والتحولات المهمة التي جعلتها بين بطولات الفئة الثانية مباشرة في عالم الساحرة المستديرة بعد بطولة كأس العالم، إذ تقترب في قوتها من بطولتي كأس أمم أوروبا وكأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا).
وتستحوذ البطولة في نسختها الثانية والثلاثين على اهتمام كبير، لكونها النسخة الأولى التي تقام في فصل الصيف الأوروبي من ناحية، إضافة لارتفاع عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات إلى 24 منتخباً للمرة الأولى في تاريخ البطولة.
كما يضاعف من أهمية البطولة تأهل معظم المنتخبات الكبيرة إلى النهائيات، كما حجزت منتخبات لا تحظى بالشهرة أو الخبرة أو التاريخ مكانها في هذه البطولة.
وكانت أبرز المفاجآت في التصفيات هي خروج المنتخب الزامبي الفائز بلقب البطولة في 2012، وفي المقابل، يشارك في النهائيات هذه المرة ثلاثة وجوه جديدة هي منتخبات مدغشقر وموريتانيا وبوروندي.
ومرت بطولات كأس الأمم الأفريقية بعدد من المحطات الرئيسية على مدار ستة عقود وهذه المحطات هي:
بداية هادئة ونجاح مصري
في العاشر من فبراير (شباط) 1957، كانت ركلة البداية، حيث افتتح رئيس وزراء السودان السابق سيد إسماعيل الأزهري أول بطولة أفريقية للمنتخبات في حضور أكثر من 30 ألف متفرج بالإستاد.
وأدار المباراة الافتتاحية في البطولة، التي شاركت فيها منتخبات مصر وإثيويبا والسودان، الحكم الإثيوبي جيبيهو دوبي وفازت فيها مصر على السودان 2-1، وسجل هدفي المنتخب المصري رأفت عطية ومحمد دياب العطار (الديبة) في حين سجل صديق منزول هدف السودان الوحيد.
وأقيمت المباراة النهائية في 15 من نفس الشهر، وأدارها الحكم السوداني يوسف محمد، وفازت فيها مصر على إثيوبيا بأربعة أهداف سجلها الديبة.
وسلم المصري عبد العزيز عبد الله سالم الكأس التي حملت اسمه إلى قائد المنتخب المصري رأفت عطية ليتوج المنتخب المصري بلقب البطولة الأولى.
وكان تنظيم البطولة الثانية من نصيب مصر مقر الاتحاد الأفريقي، وجرت فعالياتها من 22 إلى 29 مايو (أيار) بإستاد النادي الأهلي في القاهرة، بمشاركة نفس المنتخبات الثلاثة.
وافتتح المنتخب المصري رحلة الدفاع عن لقبه بفوز ساحق على إثيوبيا بأربعة أهداف سجل منها الراحل محمود الجوهري ثلاثة أهداف (هاتريك) ثم ميمي الشربيني الهدف الرابع، في حين فازت مصر في النهائي على السودان بهدفين سجلهما عصام بهيج مقابل هدف لصديق منزول أيضا ليتوج المنتخب المصري باللقب الثاني له.
وأقيمت البطولة الثالثة بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بمشاركة أربعة منتخبات هي إثيوبيا ومصر وتونس وأوغندا، وفازت إثيوبيا باللقب بعد أن هزمت مصر 4-2 في مباراة مثيرة تطلبت وقتاً إضافياً، وسلم الإمبراطور هايلي سيلاسي الكأس إلى قائد الفريق الإثيوبي لوتشيانو فاسالو.
هيمنة غانية ولقب سوداني
اختيرت غانا لتنظيم البطولة الرابعة في عام 1963، ووصلت ستة منتخبات للبطولة بعد التصفيات وهي تونس ونيجيريا والسودان ومصر وغانا وإثيوبيا.
وفي النهائي الذي أقيم في أكرا، تغلبت غانا بقيادة مدربها الأسطوري جيامفي على إثيوبيا 3-0، وفازت بالكأس للمرة الأولى. وفاز المصري حسن الشاذلي بلقب هداف البطولة برصيد ستة أهداف.
وفي البطولة الخامسة عام 1965 بتونس، نجحت غانا في الدفاع عن لقبها بفوزها 3-1 على منتخب الدولة المضيفة بعد وقت إضافي للمباراة وضم الفريق الفائز لاعبين اثنين فقط ممن فازوا في مسابقة عام 1963.
وتساوى في صدارة هدافي البطولة كل من كوفي وأشيم بونغ من منتخب غانا ومانغل من كوت ديفوار ولكل منهم ثلاثة أهداف.
وفي عام 1968، أقيمت البطولة السادسة بإثيوبيا وارتفع عدد المشاركين إلى ثمانية منتخبات.
ووصلت زائير أو الكونغو كينشاسا (الكونغو الديمقراطية حالياً) للمباراة النهائية أمام غانا، إذ أحرز اللاعب بيير كالالا هدف المباراة الوحيد.
وأحرز الإيفواري لوران بوكو ستة أهداف أي أقل بهدفين عن البطولة التالية ليصبح صاحب الرقم القياسي في عدد الأهداف التي يسجلها لاعب في تاريخ البطولة.
وفي عام 1970، استضافت السودان البطولة السابعة ووصلت غانا للمباراة النهائية للمرة الرابعة على التوالي ولكنها خسرت أمام السودان التي أحرزت الكأس الوحيدة في تاريخها.
ونال الإيفواري بوكو للمرة الثانية على التوالي لقب هداف البطولة برصيد ثمانية أهداف.
وسط أفريقيا يترك بصمته
في عام 1972 ، أقيمت البطولة الثامنة بالكاميرون ووصل أصحاب الأرض للمربع الذهبي، ولكن رغم كل التوقعات كانت المفاجأة هي هزيمة الكاميرون أمام الكونغو برازافيل التي فازت باللقب بعد التغلب أيضاً على مالي 3-2 في النهائي.
وفاز المالي ساليف كيتا بلقب الهداف برصيد خمسة أهداف.
أما بطولة 1974 فأقيمت في مصر وفازت بها زائير، وسجل فيها لاعب زائير بيير نداي تسعة أهداف ليتوج هدافاً للبطولة ويقود منتخب بلاده إلى الفوز باللقب.
ولأول مرة في تاريخ المسابقة أعيدت المباراة النهائية نظراً للتعادل 2-2 في المباراة الأولى، ثم انتهت المباراة الثانية بفوز زائير على زامبيا 2-0، وأحرز نداى الهدفين ليساعد الفريق على الفوز باللقب وعاد الفريق إلى زائير على متن طائرة موبوتو سيسي سيكو رئيس زائير.
أما في عام 1976، فأقيمت البطولة العاشرة في إثيوبيا، وكانت المرة الأولى التي تقام فيها المنافسات بنظام المجموعات ثم الدور النهائي الذي انتهى باحتلال المغرب المركز الأول والتتويج باللقب.
وفاز الغيني نيوجيليا بلقب الهداف برصيد أربعة أهداف.
وفي عام 1978، أقيمت البطولة الحادية عشرة في غانا وفاز أصحاب الأرض (النجوم السوداء) على أوغندا في النهائي 2-0، لتكون بذلك أول دولة تفوز باللقب ثلاث مرات وتحتفظ بالكأس للأبد وحصل الأوغندي أموندا على لقب هداف البطولة برصيد أربعة أهداف أيضاً.
بداية حقيقية للعمالقة
أقيمت بطولة عام 1980 في نيجيريا وأحرز “النسور” اللقب الأول لهم في تاريخ كأس الأمم الأفريقية بقيادة الهداف الكبير سايجون أوديغبامي، إذ تغلب الفريق النيجيري على الجزائر 3-0 في المباراة النهائية.
وتصدر أوديغامبي ونجم المنتخب المغربي، العبيدي، قائمة هدافي البطولة برصيد ثلاثة أهداف لكل منهما.
وفي 1982 أقيمت البطولة على ملاعب ذات نجيل اصطناعي بليبيا واستفاد أصحاب الأرض من ذلك فصعدوا للمباراة النهائية ولكنهم خسروا 6-7 بركلات الترجيح، بعد التعادل 1-1 في الوقت الأصلي أمام غانا التي أحرزت اللقب للمرة الرابعة وهي المرة الثالثة بقيادة المدرب جيامفي.
وفاز الغاني جورج الحسن بلقب هداف البطولة برصيد أربعة أهداف في حين احتل الليبي علي البشاري المركز الثاني في قائمة الهدافين برصيد ثلاثة أهداف، واختير مواطنه فوزي العيساوي أفضل لاعب في البطولة.
وأقيمت البطولة التالية في كوت ديفوار عام 1984 وخرجت غانا مبكراً من الدور الأول للبطولة، فيما فازت الكاميرون باللقب للمرة الأولى في تاريخ “الأسود”، بعد التغلب على نيجيريا 2-0 في المباراة النهائية.
ونال المصري طاهر أبو زيد لقب الهداف برصيد أربعة أهداف.
وشهدت مصر إقامة البطولة للمرة الثالثة على أرضها عام 1986، وتخلص المنتخب المصري من آثار هزيمته في المباراة الافتتاحية أمام السنغال 0-1 ووصل للمباراة النهائية ليتوج باللقب بعد مباراة رائعة أمام الكاميرون في النهائي نجح خلالها في الفوز 5-4 بالركلات الترجيحية، بعد انتهاء الوقت الأصلي للمباراة بالتعادل السلبي ليستعيد المنتخب المصري اللقب بعد غياب دام 27 عاماً.
ونال الكاميروني روجيه ميلا لقب هداف البطولة برصيد أربعة أهداف، فيما كان الراحل ثابت البطل حارس مرمى المنتخب المصري هو أبرز نجوم هذه البطولة لأنه كان أحد العوامل الرئيسية في فوز الفريق باللقب للمرة الثالثة في تاريخ “الفراعنة”.
وفي عام 1988، استضافت المغرب البطولة ونجح منتخبها في الوصول للدور نصف النهائي، مثل الجزائر ولكن الفريقين العربيين خسرا أمام الكاميرون ونيجيريا.
وفاز المنتخب الكاميروني باللقب للمرة الثانية في تاريخه بالتغلب على نظيره النيجيري 1-0 في النهائي.
واقتسم صدارة قائمة الهدافين الكاميروني ميلا والجزائري الأخضر بلومي والمصري جمال عبد الحميد والإيفواري عبد الله تراوري والنيجيري كوارجي برصيد هدفين لكل منهم.
وفي 1990، نظمت الجزائر البطولة واستغلت عامل الأرض للفوز باللقب الوحيد في تاريخها بالتغلب على نيجيريا 1-0 في المباراة النهائية.
وفاز الجزائري جمال مناد بلقب الهداف برصيد أربعة أهداف.
لقب لـ”الأفيال” وآخر لـ”النسور” ومشاركة أولى للأولاد
أما بطولة عام 1992 فأقيمت في السنغال بمشاركة 12 منتخباً للمرة الأولى، واستطاع منتخب أفيال كوت ديفوار الفوز باللقب الأول في تاريخهم بالتغلب على غانا في النهائي 11- 10 بالركلات الترجيحية بعد مباراة ساخنة انتهت بالتعادل السلبي وفاز النيجيري رشيدي ياكيني بلقب الهداف برصيد أربعة أهداف.
وفي 1994، أقيمت البطولة بتونس ولكن أصحاب الأرض خرجوا مبكراً من الدور الأول للبطولة وكانت زامبيا هي مفاجأة البطولة، إذ وصلت للنهائي رغم أنها شاركت بفريق معظمه من اللاعبين الجدد بعد تحطم طائرة المنتخب الأول للفريق قبلها بفترة قصيرة ومقتل معظم أفراد الفريق الأساسي.
ولكنها خسرت في المباراة النهائية 1-2 أمام نسور نيجيريا، وفاز ياكيني بلقب الهداف للمرة الثانية على التوالي ولكن برصيد خمسة أهداف.
ومع عودة جنوب أفريقيا للساحة الدولية بعد عشرات السنين من العزلة بسبب سياسة الفصل العنصري، استضافت بطولة عام 1996 بمشاركة 16 منتخباً للمرة الأولى في تاريخ البطولة، التي شهدت انسحاب نيجيريا لأسباب سياسية ليتقلص عدد المشاركين إلى 15 منتخباً.
وفازت جنوب أفريقيا بلقبها الأول بالتغلب على تونس في المباراة النهائية 2-0، وفاز الزامبي كالوشا بواليا بلقب الهداف برصيد خمسة أهداف.
وجرت البطولة التالية في بوركينا فاسو عام 1998 وكانت مصر على موعد مع التتويج بالكأس الرابعة لها ولم يستطع أي من حسام حسن والجنوب أفريقي بينديكت ماكارثى إحراز أي أهداف في المباراة النهائية بين منتخبي البلدين بعد أن وصل رصيد كل منهما إلى سبعة أهداف ليقتسما لقب الهداف.
وفازت مصر في المباراة النهائية على جنوب أفريقيا 2-0، وأصبح الراحل محمود الجوهري أول من يفوز باللقب كلاعب وكمدرب.
“الأسود” تستيقظ و”الفراعنة” يخطفون الثلاثية
مع عودة نيجيريا للمشاركات الأفريقية، استضافت البطولة بالتنظيم المشترك مع غانا عام 2000، وفازت الكاميرون باللقب الأول لها في الألفية الجديدة بالتغلب على نيجيريا بركلات الترجيح 4-3 في المباراة النهائية، إثر انتهاء الوقت الأصلي للمباراة بالتعادل 2-2.
وفاز الجنوب أفريقي شون بارتليت بلقب الهداف برصيد خمسة أهداف أيضاً.
وفي عام 2002، استضافت مالي البطولة واحتفظت الكاميرون بلقبها ليكون الرابع لها في تاريخ البطولة وذلك بالتغلب على السنغال في النهائي بالركلات الترجيحية 3-2 بعد التعادل السلبي في الوقتين الأصلي والإضافي للمباراة.
وتساوى كل من الكاميرونيين باتريك مبوما وسالومون أولمبي والنيجيري جوليوس أجاهاوا في صدارة قائمة الهدافين برصيد ثلاثة أهداف لكل منهم.
أما البطولة الرابعة والعشرين فأقيمت في تونس عام 2004 أيضاً، ونجح نسور قرطاج في الفوز باللقب على أرضهم ليكون الأول في تاريخهم اثر تغلبهم على المغرب 2-1 في النهائي.
وتقاسم لقب الهداف كل من النيجيري أوجستين أوكوشا والمغربي عمر المختاري والتونسي سيلفا دوس سانتوس والكاميروني باتريك مبوما والمالي فريدريك كانوتيه.
واستحوذت البطولة الـ25، التي أقيمت في مصر عام 2006، على اهتمام كبير لأنها أعادت النهائيات إلى أحضان وادي النيل بعد غياب دام 20 عاماً منذ أقيمت بطولة عام 1986 في مصر أيضاً.
وعادت البطولة إلى أحضان مصر مع الاحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيس الاتحاد الأفريقي للعبة (كاف) وقبل عام واحد من الاحتفال باليوبيل الذهبي للبطولة.
ونجح المنتخب المصري في استغلال عاملي الأرض والجمهور ليتوج باللقب الغالي للمرة الخامسة في تاريخه، وينفرد بالرقم القياسي في عدد الألقاب التي يحرزها أي منتخب في تاريخ هذه البطولة.
ولم يكن مشوار المنتخب المصري سهلاً في البطولة لكنه نجح في النهاية في حسم اللقب بالتغلب على نظيره الإيفواري بركلات الحظ الترجيحية 4-2 في النهائي، بعد تعادلهما سلبياً في الوقتين الأصلي والإضافي للمباراة.
ورغم خروج المنتخب الكاميروني مبكراً من البطولة بالهزيمة أمام كوت ديفوار 11-12 بركلات الترجيح، بعد تعادلهما سلبياً في الوقت الأصلي و1-1 في الوقت الإضافي، توج الكاميروني صامويل إيتو بلقب هداف البطولة برصيد خمسة أهداف.
واستضافت غانا البطولة السادسة والعشرين في مطلع عام 2008، لتكون المرة الرابعة التي تستضيف فيها البطولة على مدار تاريخها والمرة الثانية في غضون ثماني سنوات فقط، إذ استضافت بطولة عام 2000 بالتنظيم المشترك مع نيجيريا.
وسعى منتخب غانا المعروف بلقب “النجوم السوداء” إلى إحراز اللقب الذي غاب عن الفريق منذ عام 1982، والذي أحرز خلاله الفريق اللقب للمرة الرابعة ليكون أول فريق يفوز بهذا العدد من ألقاب البطولة قبل أن يعادله المنتخبان المصري والكاميروني.
ولكن المنتخب المصري، الذي انفرد بالرقم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب عندما توج به في بطولة عام 2006، كان عند حسن ظن جماهيره ونجح في الدفاع عن لقبه بجدارة بعدما أبهر جميع المتابعين للبطولة بعروضه الرائعة.
واستهل “أحفاد الفراعنة” مسيرتهم في البطولة بفوز كبير 4-2 على أسود الكاميرون، ثم أكملوا مشوارهم بنجاح وخطفوا الأضواء من الجميع عندما تغلبوا على أفيال كوت ديفوار 4-1 في قبل النهائي ثم اختتموا مسيرتهم بالفوز مجدداً على الكاميرون 1-0 في النهائي، رغم وفرة النجوم المحترفين بأكبر الأندية الأوروبية في صفوف منتخبي كوت ديفوار والكاميرون.
ورغم وجود هؤلاء النجوم ومنهم الإيفواري ديدييه دروغبا والكاميروني صامويل إيتو والغاني مايكل إيسيان، خطف اللاعب المصري حسني عبد ربه لقب أفضل لاعب في البطولة.
واعتلى إيتو قائمة هدافي البطولة برصيد خمسة أهداف وذلك للبطولة الثانية على التوالي.
وبعدها بعامين، انضمت أنغولا إلى سجل الدول المضيفة للبطولة باستضافة كأس الأمم الأفريقية السابعة والعشرين في مطلع عام 2010، وحاول منتخبها المنافسة بقوة في هذه البطولة بقيادة مديره الفني البرتغالي مانويل جوزيه الذي حقق قبلها العديد من الإنجازات التاريخية مع الأهلي المصري.
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، إذ خرج المنتخب الأنجولي صفر اليدين من دور الثمانية بالهزيمة أمام نظيره الغاني، الذي شق بعد ذلك طريقه بنجاح إلى النهائي رغم عنصر الشباب الغالب على صفوف الفريق.
وفي المقابل، نجح “أحفاد الفراعنة” مجدداً في تعويض إخفاقهم في تصفيات كأس العالم 2010 من خلال التتويج بلقب البطولة مثلما فعلوا في بطولة 2006 بعد الإخفاق في بلوغ نهائيات المونديال.
وبدأ المنتخب المصري رحلة الدفاع عن لقبه بفوز ثمين على نظيره النيجيري 3-1 في لقاء قمة مبكر قبل الفوز على موزمبيق 2-0 وعلى بنين بالنتيجة نفسها.
وواصل أبناء النيل تألقهم في الأدوار التالية ففازوا على أسود الكاميرون 3-1 في الوقت الإضافي لمباراتهما بدور الثمانية، والتي انتهى وقتها الأصلي بالتعادل 1-1، ثم على الجزائر 4-0 في مباراة ثأرية بعد الخروج أمام الجزائر من تصفيات مونديال 2010.
واستغل المصريون خبرتهم الكبيرة في التغلب على المنتخب الغاني الشاب في المباراة النهائية بهدف نظيف سجله محمد ناجي جدو، الذي لقب بالبديل السوبر كما انفرد بصدارة قائمة هدافي البطولة برصيد خمسة أهداف فيما فاز زميله المخضرم أحمد حسن قائد الفريق بلقب أفضل لاعب في البطولة.
غياب الأبطال وبصمة رائعة لـ”النسور” و”الأفيال”
استضافت غينيا الاستوائية والغابون البطولة الثامنة والعشرين في مطلع عام 2012، بالتنظيم المشترك فيما بينهما، في غياب منتخبي مصر والكاميرون اللذين سقطا في التصفيات.
ونجح أصحاب الأرض في عبور الدور الأول، ولكنهما خرجا من دور الثمانية لفارق الخبرة، فيما وصلت منتخبات زامبيا وغانا وكوت ديفوار ومالي إلى المربع الذهبي.
وفجر المنتخب الزامبي المفاجأة ببلوغ المباراة النهائية على حساب نجوم غانا فيما تغلب أفيال كوت ديفوار على مالي بنفس النتيجة 1-0.
وفي المباراة النهائية، كان لاعبو زامبيا على موعد مع التتويج الأفريقي الأول لهم بالفوز على “الأفيال” بركلات الترجيح، بعد التعادل السلبي بينهما على مدار الوقتين الأصلي والإضافي.
وخاض المنتخب الزامبي جميع مبارياته الخمس في الدور الأول ودوري الثمانية وقبل النهائي بغينيا الاستوائية ولكنه انتقل بعد ذلك إلى الغابون ليخوض المباراة النهائية في العاصمة ليبرفيل.
ومع وصول الفريق إلى ليبرفيل، حرص لاعبوه على إحياء ذكرى الضحايا في نفس الموقع الذي شهد كارثة عام 1993 والتي أودت بحياة 30 شخصاً من بينهم 18 من لاعبي المنتخب الزامبي.
وتحطمت الطائرة التي كانت تقل المنتخب الزامبي بالقرب من شواطئ ليبرفيل، حيث كانت في طريقها إلى السنغال لخوض مباراة مع المنتخب السنغالي في التصفيات الأفريقية المؤهلة لبطولة كأس العالم 1994.
وبعد تزود الطائرة بالوقود من ليبرفيل، تحطمت على بعد 500 متر فحسب من شاطئ ليبرفيل.
ولذلك، حرص لاعبو المنتخب الزامبي والطاقم التدريبي للفريق على الاتجاه إلى شاطئ “صن ست” بإحدى ضواحي ليبرفيل القريبة من موقع الحادث.
وعمد أعضاء الفريق بقيادة اللاعب كريستوفر كاتونجو قائد الفريق ورئيس الاتحاد الزامبي للعبة، كالوشا بواليا، إلى إلقاء الزهور في المياه باتجاه موقع الحادث قبل أن يتوج الفريق باللقب الأفريقي بعد ذلك بيومين ليهدي اللقب إلى أرواح ضحايا الكارثة.
وعادت البطولة الأفريقية في 2013 إلى جنوب أفريقيا التي استضافت البطولة عام 1996، وكانت تأمل في استغلال الاستضافة الثانية لها للتتويج باللقب الأفريقي الثاني خاصة في ظل غياب قوى كبيرة مثل مصر والكاميرون وتراجع مستوى قوى أخرى.
وتأهل الفريق بجدارة إلى الدور الثاني بعدما تصدر المجموعة الأولى بفارق الأهداف أمام منتخب الرأس الأخضر الحصان الأسود لتلك لنسخة من البطولة.
وعلى عكس الترشيحات التي سبقت منتخبات الجزائر والمغرب وتونس إلى هذه النسخة، خرجت جميعها من الدور الأول لتخلو فعاليات دور الثمانية من أي منتخبات عربية.
كما خرج المنتخب الزامبي حامل اللقب وقتها من الدور الأول بعد ثلاثة تعادلات متتالية في مجموعته.
وودع أصحاب الأرض البطولة من الدور الثاني بالهزيمة أمام مالي بركلات الترجيح وأطاح المنتخب النيجيري بنظيره الإيفواري قبل أن يستكمل مسيرته في البطولة إلى النهائي على حساب مالي.
وفي المقابل، واصل المنتخب البوركيني مغامرته وأطاح بالمنتخب الغاني من المربع الذهبي بركلات الترجيح قبل أن يخسر في النهائي أمام نظيره النيجيري الذي توج باللقب للمرة الثالثة في تاريخه.
واقتسم مهاجمه إيمانويل إيمينيكي مع الغاني مبارك واكاسو صدارة قائمة هدافي البطولة برصيد أربعة أهداف لكل منهما.
وفي 2015، عادت البطولة إلى غينيا الاستوائية بعد ثلاث سنوات من استضافتها بالتنظيم المشترك مع الغابون.
وغاب المنتخبان المصري والنيجيري حامل اللقب عن هذه النسخة لتسنح الفرصة لمنتخبات أخرى للفوز باللقب.
ومع غياب الفريقين عن البطولة، بدا المنتخب الجزائري مرشحاً بقوة للفوز بلقب هذه النسخة التي أقيمت بعد شهور قليلة من مشاركته في بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل، والتي شهدت صولات وجولات رائعة لـ”محاربي الصحراء”، الذين تأهلوا للدور الثاني (دور الستة عشر) في المونديال للمرة الأولى في تاريخهم.
ولكن المنتخب الجزائري (الخضر) وقع في مواجهة صعبة مع مرشح آخر للقب هو المنتخب الإيفواري في الدور الثاني للبطولة الأفريقية بغينيا الاستوائية، وكانت النتيجة لصالح أفيال كوت ديفوار 3-1، ليكمل منتخب “الأفيال” مسيرته في البطولة حتى توج في النهاية بلقبه الأفريقي الثاني بعد التغلب في النهائي على منتخب غانا بركلات الترجيح بعد التعادل السلبي بينهما في الوقتين الأصلي والإضافي.
واستغل منتخب غينيا الاستوائية إقامة البطولة في بلاده وبعض الأخطاء التحكيمية خاصة في مباراته أمام منتخب تونس في دور الثمانية للبطولة ليصل إلى المربع الذهبي وينهي مسيرته في هذه النسخة باحتلال المركز الرابع.
وفاز الغاني كريستيان أتسو بلقب أفضل لاعب في هذه النسخة فيما تقاسم التونسي أحمد العكايشي والغاني أندري آيو مع ثلاثة لاعبين آخرين صدارة قائمة هدافي البطولة برصيد ثلاثة أهداف لكل منهم.
عودة “الفراعنة” وتمديد البطولة
ومثلما حدث في نسخة 2015 ، شهدت نسخة 2017 عودة البطولة إلى الغابون التي شاركت غينيا الاستوائية في استضافة البطولة عام 2012، لكن أصحاب الأرض سقطوا في هذه النسخة مبكراً، وودع المنتخب الجابوني البطولة من الدور الأول.
وشهدت نسخة 2017 عودة قوية لـ”أحفاد الفراعنة، إذ شق المنتخب المصري طريقه بجدارة إلى النهائيات بعد غيابه عن ثلاث نسخ متتالية.
وفيما شقت منتخبات مصر وتونس والمغرب طريقها إلى الأدوار الإقصائية بنجاح، ودع المنتخب الجزائري البطولة من الدور الأول دون تحقيق أي فوز.
كما كانت مفاجأة هذه البطولة هي السقوط المبكر لحامل اللقب، إذ ودع المنتخب الإيفواري البطولة من الدور الأول.
وعانى المنتخب المصري من إصابة أكثر من لاعب بارز في مبارياته بالبطولة لكنه، واصل تقدمه بنجاح في البطولة حتى المباراة النهائية، التي التقى فيها نظيره الكاميروني الذي استغل معاناة “الفراعنة” من الإصابات والإجهاد، وثأر لخسائره المتكررة أمام المنتخب المصري وتوج باللقب بالفوز 2-1 في النهائي.
وتوج الكونغولي جونيور كابانانجا بلقب هداف البطولة برصيد ثلاثة أهداف، فيما أحرز الكاميروني كريستيان باسوجوج لقب أفضل لاعب في هذه النسخة بعدما قاد فريقه ببراعة للفوز باللقب.
والآن، تنتظر بطولة كأس الأمم الأفريقية نقطة تحول جديدة ومهمة في تاريخها بتمديد حجم البطولة لتشهد النهائيات مشاركة 24 منتخباً، وهو ما يراه البعض فرصة لظهور مزيد من المنتخبات التي يمكنها ترك بصمة جيدة في ظل ارتفاع مستوى الكرة الأفريقية في السنوات الماضية، فيما يراه البعض سبباً محتملاً في إضعاف مستوى البطولة نفسها مع زيادة عدد المشاركين.
وينتظر أن تفصل هذه النسخة بين الرأيين لتوضح أيهما الأكثر صواباً من خلال المستوى الذي ستقدمه والإثارة التي ستفجرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى