جابر المبارك برئ ..مقالة للدكتور طارق العلوي
كتب . د.طارق العلوي :
مقولة خطيرة، يرددها كثيرون بحسن نية، والبعض بسوء نية، بأن الشيخ ناصر صباح الأحمد (رحمه الله) انشال من منصبه لأنه.. تصدى للفساد!
ومثل هذه المقولة تمثل إساءة بالغة لمن أصدر أمرا أميريا بـ(إعفاء) الشيخ ناصر من منصبه.
وقد كنا كتبنا –في حينها، عدة مقالات تشيد بإجراءين اتخذهما الشيخ ناصر: إطلاع سمو أمير البلاد على ما وقع تحت يديه من معلومات ومستندات، وتقديم بلاغ للجهات (المختصة).
لكننا استنكرنا ما تم بعد ذلك من محاولة وزارة الدفاع عقد (محاكمة) صورية للمتهمين، وتشويه سمعتهم وإدانتهم أمام الرأي العام.. على وسائل التواصل الاجتماعي!
ولعل هذه الخطوة الأخيرة هي –برأينا- ما أدت إلى (الإعفاء).
فقد ظهر صاحب السمو أمير البلاد، الشيخ صباح الأحمد، بعد صدور أمر (الإعفاء)، وألقى كلمة غاضبة، شدد فيها أن (قاعات المحاكم) هي المختصة بقرار الإدانة أو البراءة، بعد أن تطلع على جميع الأدلة وتستمع لكافة الأطراف المعنية. وأما محاولة (تهييج) الشارع من قبل بعض أطراف الخصومة، من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.. فهو أمر مرفوض.
*
بعد قيام وزارة الدفاع بنشر تسريبات على موقعها الرسمي، وفيها جداول تحويلات مالية نُسبت إلى رئيس الوزراء حينذاك، استغرب البعض صدور “أمر أميري” بإعادة تعيين سمو الشيخ جابر المبارك رئيسا للوزراء و “تكليفه” بترشيح أعضاء الوزارة الجديدة.
لكن الأمر كان منطقيا لدينا، لأننا كنا نملك المعلومة بأن الشيخ ناصر نفسه لم يوجه أي اتهام (في بلاغه) لسمو الشيخ جابر المبارك، وإنما كان الاتهام مقصورا على الشيخ خالد الجراح وآخرين في وزارة الدفاع.
وذلك لأن التحويلات ليست للحساب الشخصي لسمو الشيخ جابر المبارك، وإنما للحساب البنكي “الرسمي” لرئاسة الوزراء.
وقد قال صاحب السمو رحمه الله يومها لسمو الشيخ جابر المبارك كلمة لا يزال صداها في أسماعنا: (يؤسفني انك تعتذر، انت أكبر من الكرسي وانت جابر المبارك اللي كلنا نجله ونحترمه.. وخل الأمور تطلع على حقيقتها وخل الناس تعرف).
وكي لا يُفهم كلام صاحب السمو بغير مقصده، أكد في كلمته بأن المتهم (برئ).. حتى تثبت إدانته، وأنه متى ما ثبتت إدانة أحد أمام القضاء العادل والنزيه، فلا حماية له بعد ذلك من القانون.. مهما كان منصبه.
ونحن نعيد كلام صاحب السمو، بأن سمو الشيخ جابر المبارك “بريء”.. إلى أن يصدر حكم المحكمة (سواء بالبراءة أو بغير ذلك).
البعض لا يريد أن ينتظر حكم المحكمة، ويريد إدانة سمو الشيخ جابر المبارك الآن وفورا، من خلال.. “الحسابات الوهمية”!
سمو الشيخ جابر المبارك كان يملك أن يقبل بإعادة تكليفه كرئيس للوزراء، ويستخدم (نفوذه) في التأثير على مجريات القضية، لكنه عوضا عن ذلك طلب إعفاءه إلى أن يتمكن من تقديم ما لديه من أدلة تثبت براءته.
وسموه كان خارج الكويت، حين تم إدراج اسمه ضمن المتهمين (قبل شهرين)، فعاد بعدها مباشرة إلى الكويت للمثول أمام القضاء، وقد كان يسعه البقاء في الخارج حرا طليقا.
هذه ليست أدلة براءة.. لكن ألا تشفع هذه المبادرات من سموه أن “ننتظر” اسابيع قليلة (حتى يُصدر القضاء كلمته الفصل)، دون أن نلوك في سمعة سمو الشيخ جابر المبارك بإساءات أو إشاعات قد لا يكون لها أساس من الصحة!
*
أكثر ما أزعجنا هو التندر والفكاهة من مرض سمو الشيخ جابر المبارك.
ومع ذلك هناك تساؤل مستحق للكثيرين.. (ليش ما يتعالج بالكويت)؟!
والجواب بأن علاج سمو الشيخ جابر المبارك هو علاج “تجريبي”، باستخدام مادة مشعة خطرة، موجودة فقط بحوزة الجيش الألماني، وتسلم لمستشفيات محدودة بألمانيا تملك مرافق ومعدات مخصصة وغرف محصنة تمنع انتشار الإشعاع، كما أن هناك طواقم طبية مدربة للتعامل مع هذه المادة الخطرة.
ومثل هذه المعدات والغرف المحصنة والطواقم الطبية المدربة غير متوافرة في الكويت، ناهيك عن رفض الجيش الألماني نقل هذه المادة المشعة إلى دولة الكويت.
وكي لا يظن البعض أننا نبالغ، بإمكانهم التأكد من خلال محركات البحث، عن معلومات حول المادة المشعة (177 LU-PSMA) المستخدمة في علاج السرطان الذي يعاني منه سمو الشيخ جابر المبارك، شافاه الله وعافانا وإياكم.
وللعلم..
فإن سمو الشيخ جابر المبارك دفع مبلغ 54 مليون دينار، ليس إقرارا بالتهمة كما يتم الترويج، وإنما كبادرة لعلها أن تسمح للمحكمة بإعطائه إذنا لأخذ جرعة العلاج الثالثة (والتي كان مقررا لها بتاريخ 13-4-2021).
*
ختاما..
مقالنا ليس (تبرئة) لسمو الشيخ جابر المبارك، وليس طلبا لأن يُعالج في الخارج.. فهذه أمور يختص فيها القضاء الذي يُقدر –وحده دون غيره- الوضع الصحي لسموه ويقرر متى وكيف يسمح بعلاجه.



