البحوث والدراسات: الحكم العراقي بإلغاء اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله يتعارض مع اتفاقية فيينا
أكد مركز البحوث والدراسات الكويتية أن حكم المحكمة الاتحادية العراقية العليا بشأن إلغاء اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله التي وقعتها الكويت والعراق عام 2012 وقع في تناقض مع حكم سابق للمحكمة ذاتها ويتعارض مع اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية.
جاء ذلك في قراءة للمركز، حصلت وكالة الأنباء الكويتية على نسخة منها، فند خلالها المغالطات الواردة في حكم المحكمة الاتحادية العراقية بشأن اتفاقية خور عبدالله.
وقال إن المحكمة المذكورة أصدرت حكمًا في 4 سبتمبر الجاري بعدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية المعقودة بين حكومتي الكويت والعراق بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله التي أبرِمها البلدان وتمت المصادقة عليها من الجهات المعنية لدى الطرفين وبرلمانا البلدين عام 2013 وتم إيداعها في الأمم المتحدة ولم يقتصر الحكم على بيان الجوانب الفنية في تلك الدعوى بل تجاوز ذلك إلى ترديد الإدعاءات التاريخية الزائفة التي كان الإعلام العراقي يرددها عشية غزو الكويت عام 1990م.
وعن الحكم من وجهة النظر القانونية وفيما يتعلق بمزاعم عدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية، استشهد مركز البحوث في قراءته بالدراسة القانونية المستفيضة التي كتبها الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة الكويت الدكتور علي مزهي الرشيدي، وفصل فيها التناقضات في حكم تلك المحكمة وأبرزها أنه سبق أن فصلت المحكمة العراقية الاتحادية العليا بتاريخ 18/12/2014 بطعن مقدم من عضو في مجلس النواب العراقي آنذاك على قانون 42/2013 في شأن التصديق على الاتفاقية بين العراق والكويت لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله، وقررت المحكمة رفض الطعن المقدم وأكدت دستورية قانون التصديق على الاتفاقية الذي أصدره مجلس النواب العراقي عام 2013.
وتابع المركز أنه استنادًا إلى دراسة الدكتور الرشيدي أن المحكمة المذكورة أوردت في حكمها أن اتفاقية تنظيم الملاحة بين العراق والكويت لا تعد مخالفة للدستور لأنها شرعت وفق الشكلية القانونية التي نص عليها الدستور وأن الإدعاء بأن هذه الاتفاقية قد أضرت بالعراق لا أساس له من الصحة وأن إثارة هذه القضية الآن تخرج عن اختصاص المحكمة الاتحادية العليا وهذا يعني أن الحكم قد صدر بعد مرور عام كامل من تصديق مجلس النواب العراقي على قانون الاتفاقية المنظمة للملاحة البحرية في خور عبد الله.
ولفت إلى أن المادة 93 من الدستور العراقي الصادر عام 2005 نصت على أن من اختصاص المحكمة الاتحادية العليا الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، وأكدت المادة 94 من الدستور العراقي أن قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة يضاف إلى ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الخامسة لقانون المحكمة العراقية الاتحادية العليا رقم 30/2005 أن الأحكام والقرارات التي تصدرها المحكمة الاتحادية العليا باتة.
وتابع في هذا الشأن: «بما أن مجلس النواب العراقي الذي يمثل السلطة التشريعية بالجمهورية العراقية قد أصدر قانون رقم 42/2013 في شأن التصديق على الاتفاقية بين العراق والكويت في شأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله بتاريخ 22/8/2013 وباعتبار أن عضوًا في مجلس النواب العراقي آنذاك كان قد تقدم بالطعن على القانون الذي وافق عليه مجلس النواب العراقي في شأن التصديق على الاتفاقية المنظمة للملاحة في خور عبد الله فإن المحكمة العراقية الاتحادية العليا قررت رفض الطعن وأكدت دستورية القانون المتعلق بالتصديق على الاتفاقية وذلك وفق قرار المحكمة الصادر بتاريخ 18/12/2014».
وأوضح مركز البحوث في قراءته أنه بناء على نص المادة 94 من الدستور العراقي ونص المادة الخامسة من قانون المحكمة العراقية الاتحادية العليا فإن قرار المحكمة الاتحادية العراقية العليا هو قرار ملزم للأطراف كافة على اعتبار أن المحكمة العراقية الاتحادية العليا هي أعلى سلطة قضائية في الجمهورية العراقية وأن الأحكام الصادرة عنها ملزمة للسلطات الأخرى كافة.
على صعيد متصل، أشار المركز إلى أنه وفقًا لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات عام 1969 فقد نصت المادة 11 على أن من وسائل التعبير عن رضا الدولة الالتزام بالمعاهدة ويكون ذلك بتوقيعها أو بتبادل وثائق إنشائها أو بالتصديق عليها وهذا ما تم من السلطة التشريعية بالجمهورية العراقية ممثلة بمجلس النواب العراقي الذي صدق على الاتفاقية إضافة إلى تأكيد السلطة القضائية العراقية عبر الحكم البات الصادر من أعلى محكمة عراقية وهي المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 18/12/2014، حيث أكد حكمها دستورية القانون الذي وافق عليه مجلس النواب العراقي والمتعلق بالتصديق على اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله بين العراق والكويت.
ولفت إلى أن المادة 26 من اتفاقية فيينا نصت على مبدأ مهم هو أن «العقد شريعة المتعاقدين» و«أن كل معاهدة نافذة ملزمة لأطرافها وعليهم تنفيذها بحسن نية» فيما شددت المادة 27 من اتفاقية فيينا على احترام المعاهدات ومن ثم «لا يجوز لطرف في معاهدة أن يحتج بنصوص قانونه الداخلي مبررًا لإخفاقه في تنفيذ المعاهدة»، كما أوضحت المادة 46 من اتفاقية فيينا للمعاهدات أنه «ليس للدولة أن تحتج بأن التعبير عن رضاها والالتزام بالمعاهدة قد تم بالمخالفة لحكم في قانونها الداخلي يتعلق بالاختصاص بعقد المعاهدات كسبب لإبطال هذا الرضا».
وذكر المركز، في قراءته، إلى أن مجلس النواب العراقي صادق على الاتفاقية وقامت حكومة الجمهورية العراقية بإيداع نسخة من الاتفاقية لدى الأمم المتحدة عام 2013 وأكدت المحكمة العراقية الاتحادية العليا في حكمها البات الذي صدر عام 2014 دستورية التصديق على الاتفاقية.
وأوضح أن الحكم الأخير للمحكمة العراقية الاتحادية العليا يكون قد وقع في تناقض مع حكم المحكمة السابق والذي أصدرته المحكمة نفسها قبل 9 سنوات وتحديدًا بتاريخ 18/12/2014 خاصة أن المحكمة العراقية الاتحادية العليا سبق أن فصلت بموضوع الاتفاقية بالإضافة إلى أن مقدم الطعن الجديد هو بنفس صفة مقدم الطعن السابق عام 2014 وهو أحد أعضاء مجلس النواب العراقي.
وذكر المركز أن أسباب الطعن الجديد هي نفس أسباب الطعن السابق والتي فصلت فيها المحكمة العراقية الاتحادية العليا عام 2014 عبر حكمها البات الذي أكد بشكل واضح دستورية القانون رقم 42/2013 والذي أصدره مجلس النواب العراقي في شأن التصديق على الاتفاقية المنظمة للملاحة في خور عبدالله بين حكومة جمهورية العراق وحكومة دولة الكويت.