العرب والعالم

«الأرض تغرق تحت الأقدام».. هبوط أرضي كارثي يهدد طهران ومواقع إيرانية حيوية

كشفت تقارير صحافية دولية، أبرزها لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، عن أزمة بيئية وجيولوجية خطيرة تواجه إيران، حيث تعاني البلاد من أسوأ معدلات هبوط أرضي (غرق التربة) في العالم، لا سيما في العاصمة طهران ومحيطها، نتيجة لمركب مدمر من الجفاف المزمن، وتغير المناخ، وسوء إدارة موارد المياه الجوفية.

وباتت آثار هذه الظاهرة المقلقة واضحة للعيان، حيث تهدد الشقوق الأرضية المتزايدة البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المطار الرئيسي في البلاد، ومواقع أثرية عالمية مدرجة على لائحة اليونسكو مثل مدينة برسيبوليس التاريخية. ووصل الأمر إلى حد إخلاء عشرات المدارس في إحدى المدن العام الماضي خشية انهيارها فوق رؤوس طلابها.

وضع ملحّ في العاصمة:


ويُعتبر الوضع مُلحاً بشكل خاص في المناطق الحضرية المكتظة ومحيطها، وعلى رأسها العاصمة طهران التي يقطنها الملايين. فقد ألحقت التشققات الأرضية أضراراً بخطوط السكك الحديدية القريبة، وأصبحت أساسات العديد من المنازل غير مستقرة، مما يجبر سكانها على إصلاح أبوابهم ونوافذهم بشكل دوري، كما ذكر الناشط البيئي محمد درويش، مشيراً إلى أن حي شهر راي بطهران مثال واضح على ذلك.

وأضاف درويش أن خطوط السكك الحديدية الرئيسية، مثل الخط الحيوي بين طهران ومشهد، احتاجت إلى إصلاحات متكررة، كما تسببت الظاهرة في ميلان أبراج نقل الطاقة الكهربائية وغرق أجزاء من الطريق السريع بين أصفهان وشيراز.

تحذيرات رئاسية ونقاش حول نقل العاصمة:

خطورة الموقف دفعت الرئيس الإيراني المنتخب حديثاً، مسعود بزشكيان، إلى طرح فكرة نقل العاصمة التي طال انتظارها للنقاش مجدداً، معتبراً أن ظاهرة هبوط الأرض “الخطيرة”، مقترنة بندرة المياه الحادة، تجعل طهران عملياً “غير صالحة للعيش”.

ورغم أن الخبراء يرون أن فكرة نقل العاصمة غير عملية في ظل الظروف الحالية، إلا أن تدخل أعلى مسؤول منتخب في البلاد أعاد تسليط الضوء على المخاطر الجسيمة لمشكلة تؤثر بشكل مباشر على حياة نحو نصف سكان إيران.

وحذر مهدي بيرهادي، عضو مجلس مدينة طهران، قائلاً: “أصبح هبوط الأرض تحدياً هائلاً”، مضيفاً أن “الغرق الهائل للتربة سيدمر البنية التحتية ويهدد الأرواح” ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة لمعالجته.

تحديات الحلول:

وتُدرك الحكومة الإيرانية حجم الأزمة، حيث تخطط لخفض استهلاك المياه في قطاعي الزراعة والصناعة (الأكثر استهلاكاً للمياه الجوفية) بمقدار 45 مليار متر مكعب بحلول عام 2032. لكن توفير الأموال اللازمة لتنفيذ حلول جذرية ومستدامة لمواجهة الهبوط الأرضي وتداعياته، مثل تحديث شبكات الري ومعالجة المياه، يواجه صعوبات جمّة في ظل العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي تخنق الاقتصاد الإيراني وتحد من قدرته على تمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى.

ويبقى السؤال مفتوحاً حول قدرة إيران على مواجهة هذا التحدي الوجودي الذي يهدد عاصمتها وتراثها ومستقبل أجيالها.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button