علوم وتكنولوجيا

ابتكار أول أطلس لخلايا قلب الإنسان

على الرغم من أننا بالكاد نلاحظ ذلك فى معظم الأوقات، إلا أن الضربات المستمرة لقلب الإنسان هى أداء معقد بشكل مذهل، مثل الأوركسترا حيث يتعين على آلاف الخلايا أن تتقن أدائها الفردى بالإضافة إلى العمل معًا.

الآن قام فريق من العلماء بإنشاء أول أطلس لخلايا القلب البشرية، وهى مجموعة من الخرائط تظهر ما يقرب من نصف مليون خلية قلب وتحدد دور كل منها فى سمفونية القلب.

قام الباحثون بفحص ست مناطق فى 14 قلبًا للمتبرعين الأصحاء، وإنشاء قاعدة بيانات مفصلة توفر أساسًا جديدًا للمقارنة لدراسة أمراض القلب، السبب الرئيسى للوفاة فى جميع أنحاء العالم.

قال دوغلاس مان طبيب القلب فى كلية الطب فى سانت لويس بجامعة واشنطن: أعتقد أنه إنجاز كبير حقًا وسيكون مصدرًا مرجعيًا هائلاً للمجال.

أثبتت خلايا القلب صعوبة دراستها بشكل خاص، على عكس بعض الخلايا السرطانية والأنسجة الأخرى، لا توجد خلايا قلب يمكن زراعتها إلى أجل غير مسمى فى المختبر ودراستها، وبدلاً من ذلك يتم إجراء الكثير من الأبحاث القلبية باستخدام الفئران، التى تمتلك قلوبها اختلافات مهمة عن قلوب البشر.

وقد يصعب العثور على قلوب بشرية سليمة حيث يستخدم معظمها فى عمليات الزرع، فقد اعتمد فريق الدكتور سايدمان على تلك الحالات غير العادية التى تم فيها رفض القلب السليم للزراعة ويمكن تجميدها لاستخدامها فى البحث.

أولاً استخدم الباحثون طريقة تسلسل عالية الإنتاجية لتحديد الخصائص الفردية لكل خلية قلب، ثم قاموا برسم خرائط لهذه الخلايا فى ست مناطق من 14 قلبًا بشريًا، كان سبعة منها رجال وسبعة من نساء.

يقول سايدمان أنه لأول مرة يكون لدينا رمز بريدى لكل خلية لمعرفة المجموعة التى تنتمى إليها.

قام الفريق أيضًا بتحليل مستويات الحمض النووى الريبي لخلايا القلب باستخدام واسمات الفلورسنت لجمع التفاصيل الجزيئية لوظائفها، يقول سايدمان إن تحديد ليس فقط مكان وجود الخلايا، ولكن أيضًا البروتينات التى تنتجها سيكون نعمة خاصة للبحث.

على سبيل المثال من خلال مقارنة الخلايا فى القلوب المريضة بتلك الموجودة فى القلوب السليمة باستخدام الأطلس، يمكن للباحثين تحديد الاختلافات واستهداف علاجات جديدة لأمراض القلب.

على الرغم من أن الباحثين درسوا مجموعة صغيرة نسبيًا من القلوب، فقد كشف الأطلس الجديد عن بعض المفاجآت البيولوجية، حيث وجد الفريق تنوعًا خلويًا غير معروف سابقًا فى أجزاء مختلفة من القلب.

كما كشفوا عن الفروق بين القلوب السليمة للذكور والإناث، كان لدى الإناث نسبة أكبر من خلايا عضلة القلب مقارنة بالذكور، يقول سيدمان إن هذا يتطلب مزيدًا من البحث، لأن هذه الخلايا قد تحمل أدلة على الاختلافات فى أمراض القلب بين الجنسين.

ومع ذلك ما نراه هو عدم تجانس مذهل من حيث أنواع الخلايا المتنوعة التى نعرف الآن أنها تشكل أنسجة قلب الإنسان، ومن حيث الاختلافات الإقليمية داخل القلب، كما يقول طبيب القلب هيو واتكينز من جامعة أكسفورد فى إنجلترا، والذى لم يكن جزءًا من فريق الدراسة، إن القلب بالتأكيد عضو أكثر تعقيدًا مما قد يتخيله الكثيرون.

الأطلس جزء من مبادرة أطلس الخلايا البشرية، وهى جهد تموله مبادرة تشان زوكربيرج لرسم خريطة لجميع أنواع الخلايا في جسم الإنسان، فقد عملت مجموعتها مع فريق دولى من الخبراء فى كل شىء من جراحة القلب إلى علم الأحياء الحسابى من أجل إنشاء أطلس قاعدة البيانات.

بعد ذلك تأمل دكتور سيدمان وزملاؤها فى توسيع الأطلس ليشمل سكانًا أكثر تنوعًا حيث كانت القلوب الأولية كلها من متبرعين بيض، كما بدأوا أيضًا فى مقارنة البروتينات المصنوعة فى خلايا القلب السليمة بتلك المصابة بأمراض القلب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى