علوم وتكنولوجياغير مصنففن وثقافةمن هنا وهناك

د.طارق درويش: الـ Text Neck وباء التكنولوجيا الحديثة

في حوار خاص لجريدة برواز الإلكترونية

حوار: أمل نصر الدين

يقول دكتور طارق درويش، استشاري المخ والأعصاب والعمود الفقري عن أمراض الرأس والرقبة بأنها مجموعة كبيرة ومختلفة من المشاكل الطبية التي تصيب منطقة الرأس والرقبة، والتي يعاني فيها المريض من أعراض مختلفة أشهرها وأكثرها شيوعًا الألم.

وما الأعراض الشائعة؟
الأعراض تختلف من مرض لآخر ومن حالة لأخرى، فيمكن أن يأتي الألم على شكل صداع أو آلام في الوجه، أو آلام في مؤخرة الرأس والعنق، وقد يأتي كل عرض بشكل منفرد، وقد تجتمع مجموعة من الأعراض في حالة واحدة فيظهر أكثر من عرض ويأتي المريض يشتكي من الألم في أكثر من منطقة.

وكيف يتم التشخيص؟
يتم أخذ التاريخ المرضي من خلال وصف المريض للألم الذي يشعر به، وما إن كان مصاحبًا لأعراض أخرى كتشويش الرؤيا أو طنين في الأذن، أو ضعف في السمع أو صعوبة في حركة الرقبة، أو شعور بضعف أو تنميل في اليد، أو شعور بألم ممتد لجزء من الذراع أو الظهر، ثم نستكمل التشخيص بالفحص السريري ومن ثم بالفحوصات الإشعاعية المختلفة إلى أن يتم تصنيف المشكلة والجزم بالتشخيص، وهذا ما يتم اتباعه في جميع الحالات وبحسب كل حالة يتم تحديد الخطة العلاجية.

وما أكثر أمراض الرأس والرقبة انتشارًا؟
كثرت في الآونة الأخيرة الشكوى من آلام في الجزء الخلفي من الرأس، وأسباب تلك الحالة مختلفة، منها ما يكون سببه عضوي مثل بعض أنماط التهابات الأعصاب الدماغية، وبعضها يكون التهابات في أعصاب العنق نتيجة التهابات غضروفية، أو حدوث اختناق لأحد الأعصاب في أحد الممرات العظمية أو الليفية ويرتبط هذا النمط بألم يظهر إما مع الحركة أو مع الراحة.

متى يقرر المريض مراجعة الطبيب؟
يمكن تلخيص الأمر في نقطتين: إما أن يكون هذا الألم قد عمل إرباك في حياته لدرجة أنه أصبح غير قادر على التعامل والسيطرة عليه. أو أن يكون الألم مصحوب بالأعرض أخرى التي سبق وتحدثنا عنها مثل: تشويش في الرؤيا أو صداع مع طنين في الأذن أو صداع مصحوب بثقل في اللسان وصعوبة في الكلام ولو لمدة محدودة أو مؤقتة، كافة تلك الأعراض تستدعي مراجعة الطبيب دون تأخير.

هل يمكن أن يحدث “انزلاق غضروفي” في منطقة الرقبة؟
كلمة “انزلاق غضروفي” تعني تسرب المادة الجيلاتينية المتواجدة في المحفظة الغضروفية بين الفقرات، ويكثر حدوثه في فقرات الرقبة وخصوصا في أماكن التقاء فقرات ثابتة مع أخرى متحركة، لحدوث ضغط وتحميل زائد وتآكل في الفراغ الغضروفي، ومن ثم انزلاق المادة الجيلاتينية خارج مكانها الطبيعي مسببة ضغط على المنطقة المحيطة والتي من ضمنها الجذور العصبية مسببة الألم.

ما سبب حدوث ذلك؟
من الأسباب القوية التي طرأت على حياتنا دخول الهواتف الذكية واللوحية، واستخدامها بكثرة ولساعات طويلة مما فاقم بشكل كبير من انتشار مشاكل الرقبة ليس فقط الانزلاق الغضروفي، حتى بتنا نراها في الأعمار الصغيرة. وهذا مثبت علمياً، فالاستخدام المبالغ فيه والخاطئ مع الانحناء الشديد للرقبة أثناء استخدام تلك الهواتف يؤدي لتحميل شديد على فقرات الرقبة.

وعلى المريض أن يلتفت جيدًا لطريقة استخدامه للأجهزة الحديثة ولعدد الساعات التي يقضيها من وقته في استخدامها، سواء الهواتف النقالة أو اللوحية أو اللاب توب وأن تكون وضعية رقبته في وضع صحيح وصحي أثناء الاستخدام.

هل المشكلة منحصرة فقط في منطقة الشرق الأوسط؟

المشكلة عالمية وليست منحصرة على المنطقة العربية، فلقد تم نشر بحث في دورية Spine أحد أهم الدوريات التي تهتم بصحة العمود الفقري في عام ٢٠١٧ :
وصف الباحث ما يسمي بـ “الرقبة النصية” Text  Neck أنها وباء التكنولوجيا الحديثة، وقد أثبتت الأبحاث أن الجهد علي عضلات الرقبة يزداد بمقدار رطل لكل درجة من الانحناء في وضعية الرقبة خلال استخدام الهاتف المحمول.

إذا أضفنا هذه المعلومة لحقيقة أخري وهي غياب ثقافة الاعتناء بالرقبة، وقلة الاهتمام بممارسة الرياضة والفترات الطويلة التي يمكثها الشباب أمام الأجهزة اللوحية و”اللاب توب” لأدركنا أن شبابنا في العصر الحديث يجد نفسه أمام تحدي صحي غير مسبوق أوجد نمط مرضي جديد في مجال صحة العمود الفقري العنقي، وترتبط هذه الممارسات أيضا بمشاكل صحية أخري مثل: ازدياد معدلات الإصابة بالصداع وتشنج عضلات الرقبة والكتفين وصعوبات النوم وضعف التركيز.

وهل هناك علاجات لهذه الحالة الطبية؟
في الحالات المبدئية والمبكرة للمرض يكون الحل التحفظي أفضل العلاجات وينجح بنسبة لا تقل عن 70%. فنقوم بإعطاء المريض فترة راحة ويمكن ارتداء رقبة داعمة بلاستكية لمدة تتراوح ما بين عشرة أيام وحتى أسبوعين، مع بعض الأدوية التي تساعد على تقليل الالتهاب وتقليل التشنج في العضلات، مع الاستمرار في الراحة لمدة تتراوح من 5 إلى 15 يوم حسب طبيعة الحالة.

كما أنه من المهم أن يفهم المريض أنه حين تم تشخيصه على أنه يعاني من مشاكل غضروفية هذا يدعوه لتحسين سلوكياته في تعامله مع رقبته، مع ضرورة أن ينهج نمط صحي لتجنب كل السلوكيات الخاطئة التي أدت لحدوث تلك المشكلة في الأصل. والأفضل والأمثل يكون بالوعي والوقاية وتنمية ثقافة صحة الرقبة وتحسين وضعيات الجلوس في قاعات الدروس، والالتزام بنمط رياضي يمنح عضلات الرقبة كفاءة وقدرة عل تحمل الإجهاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى